منهم، ومن الشيء: القطعة منه، وقوله تعالى:
فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
[التوبة/ ١٢٢]، قال بعضهم: قد يقع ذلك على واحد فصاعدا «١»، وعلى ذلك قوله:
وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
[الحجرات/ ٩]، إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ [آل عمران/ ١٢٢]، والطَّائِفَةُ إذا أريد بها الجمع فجمع طَائِفٍ، وإذا أريد بها الواحد فيصحّ أن يكون جمعا، ويكنى به عن الواحد، ويصحّ أن يجعل كراوية وعلامة ونحو ذلك. والطُّوفَانُ: كلُّ حادثة تحيط بالإنسان، وعلى ذلك قوله: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ
[الأعراف/ ١٣٣]، وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة لأجل أنّ الحادثة التي نالت قوم نوح كانت ماء. قال تعالى: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ [العنكبوت/ ١٤]، وطَائِفُ القوسِ: ما يلي أبهرها «٢»، والطَّوْفُ كُنِيَ به عن العَذْرَةِ.
طوق
أصل الطَّوْقِ: ما يجعل في العنق، خلقة كَطَوْقِ الحمامِ، أو صنعة كطَوْقِ الذّهب والفضّة، ويتوسّع فيه فيقال: طَوَّقْتُهُ كذا، كقولك: قلّدته.
قال تعالى: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ
[آل عمران/ ١٨٠]، وذلك على التشبيه، كما روي في الخبر «يأتي أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فَيَتَطَوَّقُ به فيقول أنا الزّكاة التي منعتني» «٣»، وَالطَّاقَةُ: اسمٌ لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقّة، وذلك تشبيه بالطَّوْقِ المحيطِ بالشيء، فقوله: وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ
[البقرة/ ٢٨٦]، أي: ما يصعب علينا مزاولته، وليس معناه: لا تحمّلنا ما لا قدرة لنا «٤» به، وذلك لأنه تعالى قد يحمّل الإنسان ما يصعب عليه كما قال: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة النور: آية ٢.
قال: الطائفة: الرجل فما فوقه.
وعن مجاهد قال: الطائفة: واحد إلى الألف. انظر: الدر المنثور ٦/ ١٢٦، واللسان (طوف).
(٢) قال الأصمعي: الأبهر من القوس كبدها، وهو ما بين طرفي العلاقة. انظر: اللسان (بهر).
(٣) الحديث ذكره المؤلف بمعناه، فقد جاء عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه- يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ... الآية، سورة آل عمران: آية ١٨٠. أخرجه البخاري ٣/ ٢١٤ في الزكاة.
(٤) وهذا مروي عن الضحاك كما أخرجه عنه ابن جرير في الآية قال: لا تحمّلنا من الأعمال ما لا نطيق. انظر: الدر المنثور ٢/ ١٣٦. [.....]