يكن ذلك متيقنا، وقوله: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ
[آل عمران/ ١٥٤]، أي:
يَظُنُّونَ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يصدقهم فيما أخبرهم به كما ظَنَّ الجاهليّة، تنبيها أنّ هؤلاء المنافقين هم في حيّز الكفار، وقوله: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ
[الحشر/ ٢]، أي: اعتقدوا اعتقادا كانوا منه في حكم المتيقّنين، وعلى هذا قوله:
وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ
[فصلت/ ٢٢]، وقوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ
[الفتح/ ٦]، هو مفسّر بما بعده، وهو قوله: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ [الفتح/ ١٢]، إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا
[الجاثية/ ٣٢]، والظَّنُّ في كثير من الأمور مذموم، ولذلك قال تعالى: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا
[يونس/ ٣٦]، وَإِنَّ الظَّنَ
[النجم/ ٢٨]، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ
[الجن/ ٧]، وقرئ: وما هو على الغيب بِظَنِينٍ «١» أي: بمتّهم.
ظهر
الظَّهْرُ الجارحةُ، وجمعه ظُهُورٌ. قال عزّ وجل:
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ
[الانشقاق/ ١٠]، مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
[الأعراف/ ١٧٢]، أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
[الشرح/ ٣]، والظَّهْرُ هاهنا استعارة تشبيها للذّنوب بالحمل الذي ينوء بحامله، واستعير لِظَاهِرِ الأرضِ، فقيل: ظَهْرُ الأرضِ وبطنها. قال تعالى: ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ
[فاطر/ ٤٥]، ورجلٌ مُظَهَّرٌ: شديدُ الظَّهْرِ، وظَهِرَ: يشتكي ظَهْرَهُ.
ويعبّر عن المركوب بِالظَّهْرِ، ويستعار لمن يتقوّى به، وبعير ظَهِيرٌ: قويّ بيّن الظَّهَارَةِ، وظِهْرِيٌّ:
معدّ للرّكوب، والظِّهْرِيُّ أيضا: ما تجعله بِظَهْرِكَ فتنساه. قال تعالى: وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
[هود/ ٩٢]، وَظَهَرَ عليه: غلبه، وقال: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ
[الكهف/ ٢٠]، وظاهَرْتُهُ:
عاونته. قال تعالى: وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ
[الممتحنة/ ٩]، وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ
[التحريم/ ٤]، أي: تعاونا، تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
[البقرة/ ٨٥]، وقرئ: (تَظَّاهَرَا) «٢»، الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ
[الأحزاب/ ٢٦]، وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ
[سبأ/ ٢٢]، أي: معين «٣». فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ
[القصص/ ٨٦]، وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
[التحريم/ ٤]، وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً
[الفرقان/

(١) سورة التكوير: آية ٢٤، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ورويس. انظر: إرشاد المبتدي ص ٦٢٣.
(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب. انظر الإتحاف ص ٤١٩.
(٣) وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٤٧.


الصفحة التالية
Icon