وقوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية/ ١٧] قيل: أريد بها السحاب «١»، فإن يكن ذلك صحيحاً فعلى تشبيه السحاب بالإبل وأحواله بأحوالها.
وأَبَلَ الوحشيّ يأبل أُبُولًا، وأبل أَبْلًا «٢» : اجتزأ عن الماء تشبّها بالإبل في صبرها عن الماء.
وكذلك: تَأَبَّلَ الرجل عن امرأته: إذا ترك مقاربتها «٣». وأَبَّلَ الرجل: كثرت إبله، وفلان لا يأتبل أي: لا يثبت على الإبل إذا ركبها، ورجل آبِلٌ وأَبِلٌ: حسن القيام على إبله، وإبل مُؤَبَّلة: مجموعة.
والإبّالة: الحزمة من الحطب تشبيهاً به، وقوله تعالى: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ
[الفيل/ ٣] أي: متفرّقة كقطعات إبلٍ، الواحد إبّيل «٤».
أتى
الإتيان: مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المارّ على وجهه: أَتِيّ وأَتَاوِيّ «٥»، وبه شبّه الغريب فقيل: أتاويّ «٦».
والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير، ويقال في الخير وفي الشر وفي الأعيان والأعراض، نحو قوله تعالى: إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الأنعام/ ٤٠]، وقوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل/ ١]، وقوله:
فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ [النحل/ ٢٦]، أي: بالأمر والتدبير، نحو: وَجاءَ رَبُّكَ [الفجر/ ٢٢]، وعلى هذا النحو قول الشاعر:
٥-
أتيت المروءة من بابها
«٧» فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها [النمل/ ٣٧]، وقوله: لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى [التوبة/ ٥٤]، أي: لا يتعاطون، وقوله: يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ [النساء/ ١٥]، وفي

(١) قال أبو عمرو بن العلاء: ومن قرأها بالتثقيل قال الإبلّ: السحاب التي تحمل الماء للمطر. راجع لسان العرب (إبل) ١١/ ٦، وتفسير القرطبي ٢٠/ ٣٥.
(٢) انظر: الأفعال للسرقسطي ١/ ٩٠، واللسان ١١/ ٥. مادة أبل.
(٣) وروي عن وهب قال: لمّا قتل ابن آدم أخاه تأبّل آدم على حوّاء. أي: ترك غشيانها حزناً على ولده.
(٤) الأبابيل: جماعة في تفرقة، واحدها: إبّيل وإبّول.
(٥) قال ابن منظور: والأتيّ: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه. وسيل أتيّ وأتاويّ: لا يدرى من أين أتى، وقال اللحياني:
أي: أتى ولبّس مطره علينا.
(٦) وقال في اللسان: بل السيل مشبّه بالرّجل لأنه غريب مثله، راجع ١٤/ ١٥.
(٧) هذا عجز بيت للأعشى وقبله:
وكأسٍ شربت على لذةٍ وأخرى تداويت منها بها
لكي يعلم الناس أني امرؤ أتيت المروءة من بابها
وليس في ديوانه- طبع دار صادر، بل في ديوانه- طبع مصر ص ١٧٣، وخاص الخاص ص ٩٩، والعجز في بصائر ذوي التمييز ٢/ ٤٣.


الصفحة التالية
Icon