السلام لمعاذ: «خذ من أغنيائهم وردّ في فقرائهم» «١»، وهذا المعنى هو المعنيّ بقول الشاعر:
٣٤٣-
قد يكثر المال والإنسان مفتقر
«٢» يقال: غَنَيْتُ بكذا غِنْيَاناً وغِنَاءً، واسْتَغْنَيْتُ وتَغَنَّيْتُ، وتَغَانَيْتُ، قال تعالى: وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن/ ٦]. ويقال: أَغْنَانِي كذا، وأغْنَى عنه كذا: إذا كفاه. قال تعالى:
ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ [الحاقة/ ٢٨]، ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ [المسد/ ٢]، لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [آل عمران/ ١٠]، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء/ ٢٠٧]، لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ
[يس/ ٢٣]، وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [المرسلات/ ٣١]. والْغَانِيَةُ: الْمُسْتَغْنِيَةُ بزوجها عن الزّينة، وقيل: الْمُسْتَغْنِيَةُ بحسنها عن التّزيّن.
وغَنَى في مكان كذا: إذا طال مقامه فيه مستغنيا به عن غيره بغنى، قال: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا
[الأعراف/ ٩٢]. والْمَغْنَى يقال للمصدر وللمكان، وغَنَّى أُغْنِيَةً وغِنَاءً، وقيل: تَغَنَّى بمعنى استغنى وحمل قوله عليه السلام: «... من لم يَتَغَنَّ بالقرآن» «٣» على ذلك.
غيب
الغَيْبُ: مصدر غَابَتِ الشّمسُ وغيرها: إذا استترت عن العين، يقال: غَابَ عنّي كذا. قال تعالى: أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ
[النمل/ ٢٠]، واستعمل في كلّ غَائِبٍ عن الحاسّة، وعمّا يَغِيبُ عن علم الإنسان بمعنى الغَائِبِ، قال: وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ
[النمل/ ٧٥]، ويقال للشيء: غَيْبٌ وغَائِبٌ باعتباره بالناس لا بالله تعالى، فإنه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّموات ولا في الأرض. وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [الأنعام/ ٧٣]، أي: ما يغيب عنكم وما تشهدونه، والْغَيْب في قوله: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة/ ٣]، ما لا يقع تحت الحواسّ ولا
أخرجه البخاري في الزكاة ٣/ ٣٢٢، ومسلم في الإيمان برقم ١٩.
(٢) هذا عجز بيت وصدره:
[العيش لا عيش إلا ما قنعت به].
وهو في التمثيل والمحاضرة للثعالبي ص ٨٥، ونهاية الأرب ٣/ ٨٤.
(٣) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» أخرجه البخاري في التوحيد ١٣/ ٤١٨، وأحمد في المسند ١/ ١٧٢.