في الصّدقة فرِيضَةٌ. قال: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ إلى قوله: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ «١» وعلى هذا ما روي (أنّ أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه كتب إلى بعض عمّاله كتابا وكتب فيه: هذه فريضة الصّدقة التي فرضها رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المسلمين) «٢». والفَارِضُ: المسنّ من البقر «٣».
قال تعالى: لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ [البقرة/ ٦٨]، وقيل: إنما سمّي فَارِضاً لكونه فارضا للأرض، أي: قاطعا، أو فارضا لما يحمّل من الأعمال الشاقّة، وقيل: بل لأنّ فَرِيضَةُ البقر اثنان: تبيع ومسنّة، فالتّبيع يجوز في حال دون حال، والمسنّة يصحّ بذلها في كلّ حال، فسمّيت المسنّة فَارِضَةً لذلك، فعلى هذا يكون الفَارِضُ اسما إسلاميّا.
فرط
فَرَطَ: إذا تقدّم تقدّما بالقصد يَفْرُطُ «٤»، ومنه: الفَارِطُ إلى الماء، أي: المتقدّم لإصلاح الدّلو، يقال: فَارِطٌ وفَرَطٌ، ومنه قوله عليه السلام: «أنا فرطكم على الحوض» «٥» وقيل في الولد الصّغير إذا مات: «اللهمّ اجعله لنا فَرَطاً» «٦» وقوله: أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا
[طه/ ٤٥]، أي: يتقدّم، وفرس فُرُطٌ: يسبق الخيل، والْإِفْرَاطُ: أن يسرف في التّقدّم، والتَّفْرِيطُ: أن يقصّر في الفَرَط، يقال: ما فَرَّطْتُ في كذا. أي:
ما قصّرت. قال تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ [الأنعام/ ٣٨]، ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر/ ٥٦]، ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ [يوسف/ ٨٠]. وأَفْرَطْتُ القربةَ: ملأتها
(٢) عن ثمامة حدّثني أنس بن مالك أنّ أبا بكر الصديق كتب له: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسول الله... » الحديث بطوله أخرجه ابن ماجة في الزكاة ١/ ٥٧٥، وأخرجه البخاري مختصرا في الزكاة: باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرّق بين مجتمع. انظر: فتح الباري ٣/ ٣١٤. [.....]
(٣) انظر: المجمل ٣/ ٧١٦، واللسان (فرض).
(٤) انظر: الأفعال ٤/ ١٢.
(٥) الحديث عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّي فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا... » الحديث أخرجه البخاري في الرقاق ١١/ ٤١٢، ومسلم في باب إثبات حوض نبينا برقم (٢٢٩٠).
(٦) انظر: غريب الحديث ١/ ٤٥، والنهاية ٣/ ٤٣٤. وأخرج الطحاوي عن سمرة بن جندب أنّ صبيا له مات، فقال:
ادفنوه ولا تصلوا عليه، فإنه ليس عليه إثم، ثم ادعوا الله لأبويه أن يجعله لهما فرطا وسلفا. انظر: معاني الآثار ١/ ٥٠٧، وأخرجه البخاري في الجنائز عن الحسن. فتح الباري ٣/ ٢٠٣.