وقوله: فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ
[طه/ ٣٩]، أي:
اطرحيه فيه، وقال: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
[الأحزاب/ ٢٦]، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ
[الأنبياء/ ١٨]، يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
[سبأ/ ٤٨]، وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً
[الصافات/ ٨- ٩]، واستعير القَذْفُ للشّتم والعيب كما استعير الرّمي.
قر
قَرَّ في مكانه يَقِرُّ قَرَاراً، إذا ثبت ثبوتا جامدا، وأصله من القُرِّ، وهو البرد، وهو يقتضي السّكون، والحرّ يقتضي الحركة، وقرئ: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب/ ٣٣] «١» قيل «٢» : أصله اقْرِرْنَ فحذف إحدى الرّاءين تخفيفا نحو: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة/ ٦٥]، أي: ظللتم. قال تعالى: جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً
[غافر/ ٦٤]، أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً [النمل/ ٦١]، أي: مستقرّا، وقال في صفة الجنّة:
ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ
«٣»، وفي صفة النّار قال:
فَبِئْسَ الْقَرارُ
[ص/ ٦٠]، وقوله: اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ
[إبراهيم/ ٢٦]، أي: ثبات، وقال الشاعر:
٣٦٥-
ولا قرار على زأر من الأسد
«٤» أي: أمن واسْتِقْرَارٍ، ويوم الْقَرِّ: بعد يوم النّحر لاستقرار الناس فيه بمنى، واسْتَقَرَّ فلان: إذا تحرّى الْقَرَارَ، وقد يستعمل في معنى قرّ، كاستجاب وأجاب. قال في الجنّة: خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان/ ٢٤]، وفي النار: ساءَتْ مُسْتَقَرًّا [الفرقان/ ٦٦]، وقوله: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام/ ٩٨]، قال ابن مسعود: مُسْتَقَرٌّ في الأرض ومستودع في القبور «٥». وقال ابن عبّاس: مستقرّ في الأرض ومستودع في الأصلاب. وقال الحسن: مستقرّ في الآخرة ومستودع في الدّنيا. وجملة الأمر أنّ كلّ حال ينقل عنها الإنسان فليس بالمستقرّ التّامّ. والإِقْرَارُ: إثبات الشيء، قال: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ
[الحج/ ٥]، وقد يكون ذلك إثباتا، إمّا بالقلب، وإمّا باللّسان، وإمّا بهما، والإقرار بالتّوحيد وما يجري مجراه لا يغنى
(٢) ذكره الفرّاء في معاني القرآن ٢/ ٣٤٢.
(٣) سورة المؤمنون: آية ٥٠، وأولها: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً، وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ وليست الآية في صفة الجنة كما قال المؤلف، بل المراد بالربوة: دمشق، وقيل غيرها من القرى. انظر: الدر المنثور ٦/ ١٠٠.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره:
أنبئت أنّ أبا قابوس أوعدني
وهو للنابغة من معلقته، والبيت في ديوانه ص ٣٦.
(٥) انظر: الأقوال في الدر المنثور ٣/ ٣٣٢.