تخلقني بيدك؟ ألم تسكنّي جنّتك؟ ألم تسجد لي ملائكتك؟ ألم تسبق رحمتك غضبك؟ أرأيت إن تبت أكنت معيدي إلى الجنّة؟ قال: نعم» «١».
وقيل: هي الأمانة المعروضة على السموات والأرض والجبال في قوله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ الآية [الأحزاب/ ٧٢]، وقوله: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة/ ١٢٤] قيل: هي الأشياء التي امتحن الله إبراهيم بها من ذبح ولده، والختان وغيرهما «٢». وقوله لزكريّا: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ [آل عمران/ ٣٩] قيل: هي كَلِمَةُ التّوحيد. وقيل: كتاب الله. وقيل: يعني به عيسى، وتسمية عيسى بكلمة في هذه الآية، وفي قوله: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ
[النساء/ ١٧١] لكونه موجدا بكن المذكور في قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى [آل عمران/ ٥٩] وقيل: لاهتداء الناس به كاهتدائهم بكلام الله تعالى، وقيل: سمّي به لما خصّه الله تعالى به في صغره حيث قال وهو في مهده:
إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ الآية [مريم/ ٣٠]، وقيل: سمّي كَلِمَةَ الله تعالى من حيث إنه صار نبيّا كما سمّي النبيّ صلّى الله عليه وسلم ذِكْراً رَسُولًا [الطلاق/ ١٠- ١١] «٣». وقوله: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الآية [الأنعام/ ١١٥]. فَالْكَلِمَةُ هاهنا القضيّة، فكلّ قضيّة تسمّى كلمة سواء كان ذلك مقالا أو فعالا، ووصفها بالصّدق، لأنه يقال: قول صدق، وفعل صدق، وقوله: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ
[الأنعام/ ١١٥] إشارة إلى نحو قوله:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية [المائدة/ ٣]، ونبّه بذلك أنه لا تنسخ الشريعة بعد هذا، وقيل:
إشارة إلى ما قال عليه الصلاة والسلام: «أوّل ما خلق الله تعالى القلم فقال له: اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة» «٤». وقيل: الكَلِمَةُ هي القرآن، وتسميته بكلمة كتسميتهم القصيدة كَلِمَةً، فذكر أنّها تتمّ وتبقى بحفظ الله تعالى إيّاها، فعبّر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيها أن ذلك في حكم
بلى. قال: أي رب، ألم تسبق إليّ رحمتك قبل غضبك؟ قال: نعم. قال: أي رب، أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة. قال: نعم. انظر: الدر المنثور ١/ ١٤٣.
(٢) عن ابن عباس قال: ابتلاء الله بالطهارة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد. في الرأس: قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل مكان الغائط والبول بالماء. انظر: الدر المنثور ١/ ٢٧٣.
(٣) الآية: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا.
(٤) عن عبادة بن الصامت قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم، ثم قال له: اكتب.
قال: وما أكتب؟ قال: فاكتب ما يكون وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة» أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٣١٧، وفي إسناده ابن لهيعة، والترمذي وقال: حسن غريب (انظر: عارضة الأحوذي ١٢/ ٢١٧)، والحاكم ٢/ ٤٥٤ برواية أخرى، وقال: صحيح الإسناد، وأقرّه الذهبي.
قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: قد ورد- أي هذا الحديث- بل صحّ من طرق.