عاصيا، ونَجَّمْتُ المالَ عليه: إذا وَزَّعْتُهُ، كأنّك فرضت أن يدفع عند طلوع كلّ نَجْمٍ نصيباً، ثم صار متعارفا في تقدير دفعه بأيّ شيء قَدَّرْتَ ذلك. قال تعالى: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
[النحل/ ١٦]، وقال: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ
[الصافات/ ٨٨] أي: في علم النُّجُوم، وقوله: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى
[النجم/ ١]، قيل: أراد به الكوكب، وإنما خصّ الهُوِيَّ دون الطّلوع، فإنّ لفظة النَّجْم تدلّ على طلوعه، وقيل: أراد بِالنَّجْم الثُّرَيَّا، والعرب إذا أطلقتْ لفظَ النَّجم قصدتْ به الثُّرَيَّا. نحو:

طلع النَّجْمُ غُدَيَّه وابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّه «١»
وقيل: أراد بذلك القرآن المُنَجَّم المنزَّل قَدْراً فَقَدْراً، ويعني بقوله: هَوى نزولَهُ، وعلى هذا قوله:
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ
[الواقعة/ ٧٥] فقد فُسِّرَ على الوجهين، والتَّنَجُّم: الحكم بالنّجوم، وقوله تعالى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ
[الرحمن/ ٦] فَالنَّجْمُ: ما لا ساقَ له من النّبات، وقيل: أراد الكواكبَ.
نجو
أصل النَّجَاء: الانفصالُ من الشيء، ومنه: نَجَا فلان من فلان وأَنْجَيْتُهُ ونَجَّيْتُهُ. قال تعالى:
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا
[النمل/ ٥٣] وقال:
إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ
[العنكبوت/ ٣٣]، وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
[البقرة/ ٤٩]، فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
[يونس/ ٢٣]، فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ
[الأعراف/ ٨٣]، فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا [الأعراف/ ٧٢]، وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما
[الصافات/ ١١٥]، نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً [القمر/ ٣٤- ٣٥]، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا [فصلت/ ١٨]، وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ [هود/ ٥٨]، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا
[مريم/ ٧٢]، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا [يونس/ ١٠٣] والنَّجْوَةُ والنَّجَاةُ: المكان المُرتفِع المنفصل بارتفاعه عمّا حوله، وقيل: سمّي لكونه نَاجِياً من السَّيْل، وَنَجَّيْتُهُ: تركته بنَجْوة، وعلى هذا: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ
[يونس/ ٩٢] ونَجَوْتُ قِشْرَ الشجرةِ، وجِلْدَ الشاةِ، ولاشتراكهما في ذلك قال الشاعر:
٤٣٣-
فقلت انْجُوَا عنها نَجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه
«٢»
(١) الشّكيّة: تصغير الشكوة، وذلك أنّ الثريا إذا طلعت هذا الوقت هبّت البوارح، ورمضت الأرض، وعطشت الرّعيان، فاحتاجوا إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم. انظر: للسان (شكا)، والبصائر ٥/ ٢٠، ونقائض جرير والأخطل ص ٥١.
(٢) البيت لأبي الغمر الكلابي، وهو في شرح مقصورة ابن دريد لابن خالويه ص ٤٣٣، والمجمل ٣/ ٨٥٧، وخزانة [استدراك] الأدب ٤/ ٣٥٨، والمقصور والممدود للفراء ص ٢٣، وغريب الحديث للخطابي ٢/ ٣٧٤، ولم يعرفه المحقق وقيل: هو لعبد الرحمن بن حسان يخاطب ضيفين طرقاه.


الصفحة التالية
Icon