رضي الله عنه: هو المال «١». وباعتبار لونه في حال نضارته قيل: بَعِيرٌ أَوْرَقُ: إذا صار على لونه، وبعيرٌ أَوْرَقُ: لونه لون الرّماد، وحمامةٌ وَرْقَاءُ. وعبّر به عن المال الكثير تشبيها في الكثرة بالوَرَقِ، كما عبّر عنه بالثّرى، وكما شبّه بالتّراب وبالسّيل كما يقال: له مال كالتّراب والسّيل والثرى، قال الشاعر:
واغفر خطاياي وثمّر وَرَقِي
«٢» والوَرِقُ بالكسر: الدّراهم. قال تعالى:
فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ
[الكهف/ ١٩] وقرئ: بِوَرِقِكُمْ «٣» و (بِوِرْقِكُمْ) «٤»، ويقال: وَرْقٌ ووَرِقٌ ووِرْقٌ، نحو كَبْد وكَبِد، وكِبْد.
ورى
يقال: وَارَيْتُ كذا: إذا سترته. قال تعالى:
قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ
[الأعراف/ ٢٦] وتَوَارَى: استتر. قال تعالى:
حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ
[ص/ ٣٢] وروي أن النبيّ عليه الصلاة والسلام «كان إذا أراد غزوا وَرَّى بِغَيْرِهِ» «٥»، وذلك إذا ستر خبرا وأظهر غيره.
والوَرَى، قال الخليل «٦» : الوَرَى: الأنامُ الذين على وجه الأرض في الوقت، ليس من مضى، ولا من يتناسل بعدهم، فكأنّهم الذين يسترون الأرض بأشخاصهم، و (وَرَاءُ) إذا قيل: وَرَاءُ زيدٍ كذا، فإنه يقال لمن خلفه. نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود/ ٧١]، ارْجِعُوا وَراءَكُمْ [الحديد/ ١٣]، فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ [النساء/ ١٠٢]، ويقال لما كان قدّامه نحو: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف/ ٧٩]، وقوله: أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ [الحشر/ ١٤]، فإن ذلك يقال في أيّ جانب من الجدار، فهو وَرَاءَهُ باعتبار الذي في الجانب الآخر. وقوله: وَراءَ ظُهُورِكُمْ
[الأنعام/ ٩٤]، أي: خلّفتموه بعد موتكم، وذلك تبكيت لهم في أن لم يتوصّلوا بمالهم إلى اكتساب ثواب الله تعالى به وقوله فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
[آل عمران/ ١٨٧]، فتبكيت لهم. أي: لم يعملوا به ولم يتدبّروا آياته، وقوله: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ
[المؤمنون/ ٧]، أي: من ابتغى أكثر مما بيّناه، وشرعناه من تعرّض لمن يحرم التّعرّض له فقد
(٢) الرجز للعجاج في ديوانه ص ١١٨، والبصائر ٥/ ١٩٩.
(٣) قرأ بإسكان الراء أبو عمرو وشعبة وحمزة وخلف ويعقوب. الإتحاف ص ٢٨٩.
(٤) وهي قراءة شاذة.
(٥) قال كعب بن مالك: ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله في حرّ شديد. يريد غزوة تبوك. انظر: فتح الباري ٨/ ١١٣، باب: حديث كعب بن مالك، وأخرجه أبو داود برقم ٢٦٣٧.
(٦) العين ٨/ ٣٠٥.