المنام من تعاطي الذبح أمرا «١».
وقوله تعالى: وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود/ ٩٧] فعامّ في أقواله وأفعاله، وقوله:
أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل/ ١] إشارة إلى القيامة، فذكره بأعمّ الألفاظ، وقوله: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً [يوسف/ ١٨] أي:
ما تأمر النفس الأمّارة بالسوء.
وقيل: أَمِرَ القومُ: كثروا، وذلك لأنّ القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لا بدّ لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر:
٢٦-
لا يصلح النّاس فوضى لا سراة لهم
«٢» وقوله تعالى: أَمَرْنا مُتْرَفِيها
[الإسراء/ ١٦] أي: أمرناهم بالطاعة، وقيل: معناه:
كثّرناهم.
وقال أبو عمرو: لا يقال: أمرت بالتخفيف في معنى كثّرت، وإنما يقال: أمّرت وآمرت.
وقال أبو عبيدة: قد يقال: أمرت «٣» بالتخفيف نحو: «خير المال مهرة مأمورة وسكّة مأبورة» «٤» وفعله: أمرت.
وقرئ: (أَمَّرْنَا) «٥» أي: جعلناهم أمراء، وكثرة الأمراء في القرية الواحدة سبب لوقوع هلاكهم، ولذلك قيل: لا خير في كثرة الأمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها [الأنعام/ ١٢٣]، وقرئ: (آمَرْنَا) «٦» بمعنى: أكثرنا.
والائْتِمَارُ: قبول الأمر، ويقال للتشاور: ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به.
قال تعالى: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ [القصص/ ٢٠]. قال الشاعر:
٢٧-
وآمرت نفسي أيّ أمريّ أفعل
«٧»
(٢) الشطر للأفوه الأودي، وتتمته:
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وهو في الحماسة البصرية ٢/ ٦٩، وأمالي القالي ٢/ ٢٢٨، والاختيارين ص ٧٧. وديوانه ص ١٠.
(٣) راجع: مجاز القرآن ١/ ٣٧٣، والغريبين ١/ ٨٥، وتفسير القرطبي ١٠/ ٢٣٣.
(٤) الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٤٦٨، وفيه: «خير مال المرء له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة». ورجال إسناده ثقات، واختلف في صحبة سويد، قال ابن حبان: يروي المراسيل لكن جاء في رواية: سمعت رسول الله يقول، ففيها إثبات السماع: انظر: الإصابة ٢/ ١٠١، ومجمع الزوائد ٥/ ٢٦١.
المأمورة: الكثيرة، والسكة: الطريقة من النخل، المأبورة: الملقّحة.
(٥) وهي قراءة الحسن ومجاهد وأبي عثمان النهدي وأبي رجاء وأبي العالية، وهي قراءة شاذة.
(٦) وهي قراءة يعقوب، ورويت عن ابن كثير وأبي عمرو وعاصم من غير طريق الطيبة. راجع: الإتحاف ص ٢٨٢.
(٧) هذا عجز بيت لكعب بن زهير، وشطره الأول:
أنخت قلوصي واكتلأت بعينها
وهو في ديوانه ص ٥٥، والحجة في القراءات للفارسي ١/ ٣١٩، وأساس البلاغة (كلأ).