الكاملة التي يتحقق بها الملك، التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف في العالم العلوي والسفلي التصرف التام المطلق بالأحكام القدرية والأحكام الشرعية، وأحكام الجزاء، فلهذا أضاف ملكه ليوم الدين مع أنه المالك المطلق في الدنيا والآخرة؛ فإنه يوم القيامة الذي يدين الله فيه العباد بأعمالهم خيرها وشرها، ويرتب عليها جزاءها، وتشاهد الخليقة - من آثار ملكه وعظمته وسعته، وخضوع الخلائق كلها لعظمته وكبريائه، واستواء الخلق في ذلك اليوم على اختلاف طبقاتهم في نفوذ أحكامه عليهم - ما يعرفون به كمال ملكه، وعظمة سلطانه.
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] أي: نخصك يا ربنا وحدك بالعبادة والاستعانة، فلا نعبد غيرك، ولا نستعين بسواك؛ فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، الظاهرة والباطنة، فهي القيام بعقائد الإيمان وأخلاقه وأعماله محبة لله وخضوعا له، والاستعانة هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في حصول ذلك، وهذا التزام من العبد بعبودية ربه، وطلب من ربه أن يعينه على القيام بذلك، وبذلك يتوسل إلى السعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل لذلك إلا بالقيام بعبادة الله والاستعانة به، وعلم بذلك شدة افتقار العبد لعبادة الله والاستعانة به.
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا للعلم بالحق والعمل به، الذي هو الصراط المستقيم، المعتدل الموصل إلى الله وإلى جنته وكرامته، وهذا يشمل الهداية إلى الصراط، وهي التوفيق للزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان الباطلة، ويشمل الهداية في الصراط وقت سلوكه علما وعملا؛ فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد،