وبيع الموزون بالموزون إلى أجل أو بلا قبض، ويستثنى من هذا السلم.
[فساد الربا والميسر والغرر]
وأشد أنواع هذا النوع قلب الديون في الذمم، وهو الذي ذكره بقوله: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: ١٣٠]
وذلك إذا حل ما في ذمة المدين، قال له الغريم: " إما أن تقضيني ديني، وإما أن تزيد في ذمتك "، فيتضاعف ما في ذمة المعسر أضعافا مضاعفة بلا نفع ولا انتفاع، وذلك أن المعسر قد أوجب الله على غريمه إنظاره كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠]
وسواء كان قلب الدين المذكور صريحا أو يتحيل عليه بحيلة ليست مقصودة، وإنما يراد بها التوصل إلى مضاعفة ما في ذمة الغريم، فهذا الذي قد توعده الله بهذا الوعيد الشديد، وأن الذين يأكلون الربا لا يقومون من قبورهم إلى بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، أي: من الجنون، فيقومون مرعوبين منزعجين قد اختلت حركاتهم لما يعلمون ما أمامهم من القلاقل والأهوال المزعجة والعقوبات لأكلة الربا، وقد آذنهم الله بمحاربته ومحاربة رسوله إذا لم يتوبوا، ومن كان محاربا لله ورسوله فإنه مخذول، وإن عواقبه وخيمة، وإن استدرج في وقت فآخر أمره المحق والبوار، قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة: ٢٧٦] ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٩]
فالمرابي يأخذه الأمن والغرور الحاضر، ولا يدري ما خبئ له في مستقبل أمره، وأن الله سيجمع له بين عقوبات الدنيا والآخرة، إلا إن تاب وأناب، فإذا تاب فله ما سلف، وأما العقود الحاضرة فالزيادة لا تحل، وعليه أن ينزل على رأس ماله، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩]


الصفحة التالية
Icon