رقبة صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، بشرط أن تكون الرقبة مؤمنة، كما في الآية المقيدة بالأيمان، وأن تكون تلك الرقبة سليمة من العيوب الضارة بالعمل، فمتى كفر بواحد من هذه الثلاثة انحلت يمينه.
وهذا من نعمة الله على هذه الأمة أنه فرض لهم تحلة أيمانهم، ورفع عنهم الإلزام والجناح، فمن لم يجد واحدا من هذه الثلاثة فعليه صيام ثلاثة أيام، أي: متتابعة مع الإمكان، كما قيدت في قراءة بعض الصحابة، ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] عن أن تحلفوا بالله وأنتم كاذبون، وعن كثرة الأيمان لا سيما عند البيع والشراء، واحفظوها إذا حلفتم عن الحنث فيها، إلا إذا كان الحنث خيرا من المضي فيها، كما قال تعالى:
﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [البقرة: ٢٢٤]
أي: لا تقولوا: إننا قد حلفنا على ترك البر، وترك التقوى، وترك الإصلاح بين الناس، فتجعلوا أيمانكم مانعة لكم من هذه الأمور التي يحبها الله ورسوله، بل احنثوا وكفروا وافعلوا ما هو خير وبر وتقوى، واحفظوا أيضا أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم بالكفارة، فإن الكفارة بها حفظ اليمين الذي معناه تعظيم المحلوف به، فمن كان يحلف ويحنث ولا يكفر فما حفظ يمينه، ولا قام بتعظيم ربه ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ﴾ [المائدة: ٨٩] المبينة للحلال من الحرام، الموضحة للأحكام ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٨٩] فعلى العباد أن يشكروا ربهم على بيانه وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمون، فإن العلم أصل النعم وبه تتم.