وأخلاق طيبة أو خبيثة، وكان لا بد من تمييز هذه الأخلاق وتصفيتها بتقدير أسبابها من الابتلاء والامتحان الذي من أعظمه تمكين هذا العدو من دعوتهم إلى كل شر، أجابه:
﴿فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ - إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: ٣٧ - ٣٨]
فقال لربه معلنا معصيته، وعداوته آدم وذريته:
﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٦ - ١٧]
قال إبليس هذه المقالة ظنا منه؛ لأنه عرف ما جبل عليه الآدمي.
﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٢٠]
فمكنه الله من الأمر الذي يريده إبليس في آدم وذريته، فقال الله له:
﴿اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا - وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ﴾ [الإسراء: ٦٣ - ٦٤]
أي: إن قدرت فاجعلهم منحرفين في تربية أولادهم إلى التربية الضارة، في صرف أموالهم المصارف الضارة، وفي الكسب الضار، وأيضا شارك منهم من إذ تناول طعاما أو شرابا أو نكاحا، ولم يذكر اسم الله على ذلك في الأموال الأولاد، وعدهم أي: مرهم أن يكذبوا بالبعث والجزاء، وأن لا يقدموا على خير، وخوفهم من أوليائك، وخوفهم عند الإنفاق النافع بالفحشاء والبخل، وهذا من الله لحكم عظيمة وأسرار، وإنك أيها العدو المبين لا تبقي من مقدورك في إغوائهم شيئا، فالخبيث منهم يظهر خبثه، ويتضح شره، والله لا يعبأ به، ولا يبالي به.