ومماليكه، لا يخرج أحد منهم عن هذا الوصف اللازم؛ فهو المالك لجميع الممالك، وهو الذي اتصف بصفات الملك الكامل، والتصرف التام النافذ، والسلطان والكبرياء.
ومن تمام ملكه أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه؛ فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له، مماليك لا يقدمون على الشفاعة لأحد حتى يأذن لهم: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الزمر: ٤٤]
ولا يشفعون إلا لمن ارتضاه الله، ولا يرضى إلا عمن قام بتوحيده واتباع رسله، فمن لم يتصف بهذا فليس له في الشفاعة نصيب، وأسعد الناس بشفاعة محمد ﷺ من قال: «لا إله إلا الله خالصا من قلبه».
ثم أخبر عن علمه الواسع المحيط، وأنه يعلم ما بين أيدي الخلائق من الأمور المستقبلة التي لا نهاية لها ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٥] من الأمور الماضية التي لا حد لها، وأنه لا تخفى عليه خافية، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩] وأن الخلق لا يحيط أحد منهم بشيء من علم الله، ولا معلوماته إلا بما شاء منهما، وهو ما أطلعهم عليه من الأمور الشرعية والقدرية، وهو جزء يسير جدا بالنسبة إلى علم الباري، تضمحل العلوم كلها في علم الباري ومعلوماته، كما قال أعلم المخلوقات، وهم الرسل والملائكة: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ [البقرة: ٣٢]
ثم أخبر عن عظمته وجلاله، وأن كرسيه وسع السماوات والأرض، وأنه قد حفظهما بما فيهما من العوالم بالأسباب والنظامات التي جعلها