وحصلت المقدمات والجزم المصمم، وتم لهما الأجر والثواب، وحصل لهما الشرف والقرب والزلفى من الله، وما ذلك من ألطاف الرب بعزيز، قال تعالى:
﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ - وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٥ - ١٠٧]
وأي ذِبْحٍ أعظم من كونه حصل به مقصود هذه العبادة التي لا يشبهها عبادة، وصار سُنَّة في عقبه إلى يوم القيامة يتقرب به إلى الله، ويدرك به ثوابه ورضاه:
﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ - سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٨ - ١٠٩]
فصل ثم إن الله أتم النعمة على إبراهيم، ورحم زوجته سارة على الكبر والعقم واليأس بالبشارة بالابن الجليل وهو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فحين أرسل الله لوطا إلى قومه، وتمرَّدوا عليه وحتَّم الله عقوبتهم، وكان لوط تلميذا لإبراهيم، ولإبراهيم عليه حقوق كثيرة، فمرت الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط بإبراهيم بصورة آدميين، فلما دخلوا عليه وسلموا ردَّ عليهم السلام، بادرهم بالضيافة، وكان الله قد أعطاه الرزق الواسع والكرم العظيم، وكان بيته مأوى للأضياف، فبالحال راغ إلى أهله بسرعة وخفية منهم، فجاء بعجل سمين محنوذ مشوي على الرضف فقربه إليهم، فقال:
﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ [الذاريات: ٢٧]