بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن، ثم ذكر الله في هذه السورة قصة مفصلة واضحة، وكيف تنقلت به الأحوال، قراءتها كافية عن شرح معناها لوضوحها وتفصيلاتها، والله تعالى ما فصَّل لنا إلا ما ننتفع به ونعتبر، ولكن في قصته من العبر والفوائد شيء كثير ننبه على بعضها.
* ذكر الفوائد المستنبطة نصا أو ظاهرا أو تعميما أو تعليلا من قصة موسى صلى الله عليه وسلم: منها: لطف الله بأم موسى بذلك الإلهام الذي به سلم ابنها، ثم تلك البشارة من الله لها برده إليها، التي لولاها لقضى عليها الحزن على ولدها، ثم رده إليها بإلجائه إليها قدرا بتحريم المراضع عليه، وبذلك وغيره يعلم أن ألطاف الله على أوليائه لا تتصورها العقول، ولا تعبر عنها العبارات، وتأمل موقع هذه البشارة، وأنه أتاها ابنها ترضعه جهرا، وتأخذ عليه أجرا، وتسمى أمه شرعا وقدرا، وبذلك اطمأن قلبها، وازداد إيمانها، وفي هذا مصداق لقوله تعالى:
﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦]
فلا أكره لأم موسى من وقوع ابنها بيد آل فرعون، ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة، وآثاره الطيبة.
ومنها: أن آيات الله وعبره في الأمم السابقة إنما يستفيد منها، ويستنير بها المؤمنون، والله يسوق القصص لأجلهم، كما قال تعالى في هذه القصة:
﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٣]