على بعض الهفوات، وإرجاعا له إلى كمال الخضوع لربه، ولهذا قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ [ص: ٣٤]
إلى الله بقلبه ولسانه وبدنه بظاهره وباطنه فقال:
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [ص: ٣٥]
فاستجاب الله له دعاءه وأعطاه ما طلبه من مغفرة الذنب، وأعطاه جميع ما طلب كما تقدم.
وقد أثنى الله على داود وسليمان بالعلم والحكم، وخص سليمان بزيادة الفهم فقال:
﴿وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء: ٧٨]
أي: دخلت الغنم بستانهم ليلا فرعت زرعه وأشجاره، فحكم داود بحسب اجتهاده وتقديره أن الغنم تكون لصاحب الحرث؛ لظنه أن الذي تلف من الحرث يقابل قيمتها، ثم رفعت القضية إلى سليمان، فحكم على صاحب الغنم أن يقوم على حرث صاحب البستان بالسقي والتعمير والملاحظة حتى يعود كما كان قبل نفشها، ويدفع له صاحب الغنم الغنم ينتفع بدرها ولبنها ودهنها وصوفها ومغلها مقابل ما كان بصدد أن ينتفع بحرثه في هذه المدة، فكان هذا الحكم من سليمان أقرب إلى الصواب، وأنفع لصاحب الغنم والحرث، فلهذا قال تعالى:
﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٩]
ونظير هذه القضية حكم داود وسليمان بين المرأتين اللتين خرجتا ومع كل واحدة ابنها، فعدا الذئب على ابن الكبرى، فادعت الكبرى على الصغرى