ومنها: أن قوله: ﴿ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ١٧] مدح عظيم من الله لهذين الوصفين: قوة القلب والبدن على طاعة الله والإنابة، باطنا وظاهرا، إلى الله المستلزمة لمحبته وكمال معرفته، وأن هذين الوصفين للأنبياء على وجه الكمال، ولمن بعدهم من أتباعهم على حسب اتباعهم، والثناء من الله عليهما يقتضي الحث على جميع الأسباب التي تعين على القوة والإنابة، وأن يكون العبد رجَّاعا إلى الله في حال السَّراء والضَّراء، وفي جميع الأحوال.
ومنها: ما أكرم الله به نبيه داود ﷺ من حسن الصوت ورخامته، وأن الجبال والطيور تسبح الله معه وتجاوبه، وذلك من زيادة درجاته ومقاماته العالية.
ومنها: أن من أكبر نعم الله على عبده أن يرزقه العلم النافع، ويعرف الحكم بين الناس في المقالات والمذاهب، وفي الخصومات والمشاحنات كما قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠]
ومنها: كمال اعتناء المولى بأنبيائه وأصفيائه عندما يقع منهم بعض الهفوات بفتنة إياهم، وابتلائهم بما يزول عنهم المحذور حتى يعودوا أكمل من أحوالهم الأولى، كما جرى لداود وسليمان.
ومنها: أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله، فإن الله أمر بطاعتهم مطلقا، ومقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك، وقد يجري منهم أحيانا بعض مقتضيات الطبيعة من المخالفات، ولكن الله تعالى يبادرهم بلطفه، ويتداركهم بالتوبة والإنابة.
ومنها: أن داود في أغلب أوقاته ملازما محرابه لخدمة ربه، وله وقت يجلس فيه لحوائج الخلق، فقد أتم القيام بحق الله وحق عباده.


الصفحة التالية
Icon