الذين منحهم الله، وأعطاهم من العلوم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر ما ليس عنده، فلهذا اشتد حرصه على التعلم منه.
ومنها: أنه يتعين إضافة العلم وغيره من الفضائل إلى فضل الله ورحمته، والاعتراف بذلك، وشكر الله عليه لقوله: ﴿تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]
ومنها: أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير، وكل علم فيه رشد وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة إلى ذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: ﴿أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]
ومنها: أن من ليس له صبر على صحبة العَالم، ولا قوة على الثبات على طريقة التعلم، فإنه قاصر ليس بأهل لتلقي العلم؛ فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه أدرك به كل أمر سعى إليه، فإن الخضر اعتذر عن موسى أنه لا يصبر على علمه الخاص.
ومنها: أن مما يعين على الصبر على الأشياء إحاطة العبد بها علما، وبمنافعها وثمراتها ونتائجها، فمن لا يدري هذه الأمور يصعب عليه الصبر لقوله: ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٦٨]
ومنها: الأمر بالتأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
ومنها: مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ [الكهف: ٦٩] وإن العزم على الشيء ليس بمنزلة فعله، فموسى عزم على الصبر، ولكن لم يفعل.