والتعظيم والتوكل، وغير ذلك من أنواع الطاقات، وإن من أظلم الظلم وأقبح القبيح وأعظم الضلال أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد، وأن يشرك المخلوقين من تراب بالرب العظيم، وأن يسوى المخلوق العاجز القاصر الناقص من كل وجه بالرب الخالق المدبر القوي، الذي قهر كل شيء، وخضعت له الرقاب.
ففي هذه الآية إثبات وحدانية البارئ وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين، والاستدلال على ذلك بتفرده بالرحمة، التي من آثارها جميع البر والإحسان في الدنيا والآخرة، ثم ذكر الأدلة التفصيلية بقوله:
[آيات كونية تدل على وحدانية الله]
٩ - ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤]
أخبر تعالى أن في هذه المخلوقات العظيمة آيات، أي: أدلة، على وحدانية الباري وإلهيته، وعظيم سلطانه ورحمته، وسائر صفاته، وآية على البعث والجزاء لقوم يعقلون؛ أي: لهم عقول يعملونها فيما خلقت له؛ فعلى حساب ما من الله على عبده من العقل، وصرفه في التفكر في الآيات ينتفع بها ويعرفها ويعقلها بعقله وفكره وتدبره؛ ففي خلق السماوات، في ارتفاعها واتساعها وإحكامها وإتقانها، وما جعل الله فيها من الشمس والقمر والنجوم وجريانها بانتظام عجيب، لمصالح العباد.
وفي خلق الأرض؛ وجعلها مهادا للخلق يمكنهم القرار عليها، والانتفاع