أو غيره، وحينئذ يفقد البدن ما كان معتادا له فتنحرف صحته.
وأما ضرره المالي فظاهر فإن الإسراف يستدعي كثرة النفقات، ولهذا قال تعالى:
﴿وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: ٢٩]
أي: تلام على ما فعلت؛ لأنه في غير طريقه، (مَحْسُورًا) : فارغ اليد، وإخباره أنه لا يحب المسرفين دليل على أنه يحب المقتصدين؛ ففي هذه الآية إثبات صفة المحبة لله، وأنها تتعلق بما يحبه الله من الأشخاص والأعمال والأحوال كلها، فسبحان من جعل كتابه كنوزا للعلوم النافعة المتنوعة.
* فائدة: ذكر الله في كتابه عدة آيات فيها وصف القلوب بالمرض وبالعمى وبالقسوة، وبجعل الموانع عليها من الران، والأكنة والحجاب، وبموتها وبحيرتها، فاعلم أن القلب يكون صحيحا ويكون مريضا، ويجتمع فيه المرض والموانع من وصول الصحة، وقد يكون لينا وقد يكون قاسيا.
فأما القلب الصحيح فهو السليم من جميع الآفات، وهو القلب الذي صحت وقويت قوته العلمية، وقوته العملية الإرادية، وهو الذي عرف الحق فاتبعه بلا تردد، وعرف الباطل فاجتنبه بلا توقف، فهذا هو القلب الصحيح الحي السليم، وصاحبه من أولي النُّهى وأولي الحجا وأولي الألباب وأولي الأبصار، والْمُخْبت لله والمنيب إليه.
وأما القلب المريض فهو الذي انحرفت إحدى قوتيه العلمية أو العملية أو كليهما.
فمرض الشبهات والشكوك الذي هو مرض المنافقين لما اختل علمهم