* فائدة: قد أمر الله في كتابه بالتفكر والتدبر والنظر والتبصر، وغيرها من الطرق التي تنال بها العلوم، وأثنى على أهلها، وأخبر أن كتابه أنزل لهذه الحكم، وأثنى على العلم واليقين ومدح أهلهما، ونهج جميع طريق يوصل إليها.
فاعلم أن الذي يجمع أشتات هذه الطرق وأنواعها وأجناسها ثلاثة طرق كلية: أحدها: طريق الإخبارات الصادقة، والثاني: طريق الحس، والثالث: طريق العقل، ووجه الحصر أن المعلومات إما أن تدرك بحاسة السمع أو البصر أو اللمس أو الذوق، وإما أن تدرك بالعقل، وإما أن تنال بالإخبار، وكل واحد من هذه الثلاثة قد يقارن الآخر، وخصوصا العقل والأخبار الصادقة فإنهما لا يتفارقان.
وقد يكون العلم ضروريا بديهيا يضطر الإنسان إلى علمه، والتصديق به من غير حاجة إلى زيادة نظر وتفكر، وقد يكون نظريا يحتاج إلى ذلك.
ثم العلم بهذه الأمور مراتب متفاوتة.
وأعلى درجات العلم واليقين وأوضحها وأنفعها للعباد خبر الله وخبر رسله، فإنه لا أصدق من الله قيلا، ولا أصدق منه حديثا.
﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: ٤]
فكل ما قاله الله وقاله رسوله فهو الحق والصدق، وماذا بعد الحق إلا الضلال وهو يهدي إلى كل دليل عقلي ونقلي؟ وفي خبر الله وخبر رسله من البيان العظيم والتفصيلات لجميع أجناس العلوم النافعة ما لا تصل إليه علوم الخلائق كلهم، أولهم وآخرهم.
وإذا أردت أن تعرف أن الحق الصحيح هو ما قاله الله وقاله رسوله،