عن الخلائق، ويضاعف لهم الحسنات، ويعطيهم من فضله وإحسانه ما لا تبلغه أعمالهم، ويعطون كتبهم بأيمانهم إكراما واحتراما، كما تبيض وجوههم، وتثقل موازينهم؛ ويغتبطون بذلك، ويستبشرون به، فيقولون لإخوانهم ومعارفهم ومحبيهم: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ - إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ١٩ - ٢١] الآيات [الحاقة: ١٩ - ٢١ وما بعدها].
ويساقون إلى الجنة زمرا، كل طائفة منهم مع نظرائهم في الخير بحسب طبقاتهم وسبقهم، كما يردون في عرصات القيامة حوض نبيهم، فيشربون منه شربة هنيئة لا يظمأون بعدها، ويمرون على الصراط على قدر أعمالهم كلمح البصر، وكالبرق الخاطف، وكأجاويد الخيل والإبل، وكسعي الرجال، وكمشيهم، ودون ذلك.
فإذا عبروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص بعضهم من بعض مظالم وتبعات كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها بشفاعة محمد ﷺ فتلقاهم خزنة الجنة، يسلمون عليهم، ويهنونهم بالنجاة من العذاب وحصول الخير والثواب والخلود الأبدي بسبب طيبهم، ولهذا قالوا: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ﴾ [الزمر: ٧٣] أي: طابت قلوبكم بالعقائد الصحيحة الصادقة، والأخلاق الجميلة، وألسنتكم بذكر الله والثناء عليه، وجوارحكم بخدمته والقيام بطاعته: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]
فإذا دخلوها ورأوا ما فيها من النعيم المقيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، حمدوا الله على منته عليهم بالسوابق والإيمان والأعمال الصالحة، وبإنجاز ما وعدهم به على ألسنة رسله، وعلى أن


الصفحة التالية
Icon