سبب: معين على الدين، ويحتاج إليه الدين، فهو أيضا من الدين كالسعي في القوة المعنوية والمادية التي فيها قوة المؤمنين.
وسبب: لم يوضع في الأصل معينا على الدين، ولكن المؤمن لقوة إيمانه ورغبته فيما عند الله من الخير يسلك إلى ربه، وينفذ إليه مع كل سبب وطريق، فيستخرج من المباحات بنيته وصدق معرفته ولطف علمه بابا يكون به معينا على الخير، مجما للنفس، مساعدا لها على القيام بحقوق الله وحقوق عباده الواجبة والمستحبة، فيكون هذا المباح حسنا في حقه، عبادة لله، لما صحبه من النية الصادقة، حتى أن بعض المؤمنين الصادقين في إيمانهم ومعرفتهم ربما نوى في نومه وراحاته ولذاته التقوي على الخير، وتربية البدن لفعل العبادات، وتقويته على الخير، وكذلك في أدويته وعلاجاته التي يحتاجها؛ وربما نوى في اشتغاله في المباحات أو بعضها الاشتغال عن الشر، وربما نوى بذلك جذب من خالطه وعاشره بمثل الأمور على فعل خير أو انكفاف عن شر.
وربما نوى بمعاشرته الحسنة إدخال السرور والانبساط على قلوب المؤمنين، ولا ريب أن ذلك كله من الإيمان ولوازمه، ولما كان الإيمان بهذا الوصف قال تعالى في عدة آيات من كتابه: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٢٣]
ومنها: أن الإيمان يشجع العبد، ويزيد الشجاع شجاعة، فإنه لاعتماده على الله العزيز الحكيم ولقوة رجائه وطمعه فيما عنده تهون عليه المشقات، ويقدم على المخاوف واثقا بربه، راجيا له، راهبا من نزوله من عينه لخوفه من المخلوقين؛ ومن الأسباب لقوة الشجاعة أن المؤمن يعرف ربه حقا، ويعرف الخلق حقا، فيعرف أن الله هو النافع الضار، المعطي المانع، الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، وأنه الغني من جميع الوجوه، وأنه أرحم