العصر خصوصا، لفضلها وشرفها وحضور ملائكة الليل والنهار فيها، ولكونها ختام النهار، والمحافظة على الصلوات عناية العبد بها من جميع الوجوه التي أمر الشارع بها وحث عليها من: مراعاة الوقت، وصلاة الجماعة، والقيام بكل ما به تكمل وتتم، وأن تكون صلاة كاملة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، ويزداد بها إيمانه، وذلك إذا حصل فيها حضور القلب وخشوعه الذي هو لبها وروحها، ولهذا قال: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] أي: مخلصين خاشعين لله، فإن القنوت هو دوام الطاعة مع الخشوع؛ ومن تمام ذلك سكون الأعضاء عن كل كلام لا تعلق له بالصلاة.
وفيها أن القيام في صلاة الفريضة ركن إن كان المراد بالقيام هنا الوقوف، فإن أريد به القيام بأفعال الصلاة عموما دل على الأمر بإقامتها كلها، وأن تكون قائمة تامة غير ناقصة.
﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] أي: فصلوا الصلاة رجالا، أي: ماشين على أرجلكم أو ساعين عليها، أو ركبانا على الإبل وغيرها من المركوبات، وحذف المتعلق ليعم الخوف من العدو والسبع، ومن فوات ما يتضرر بفواته أو تفويته، وفي هذه الحال لا يلزمه استقبال القبلة، بل قبلته حيثما كان وجهه.
ومثل ذلك إذا اشتبهت القبلة في السفر، ومثل ذلك صلاة النافلة في السفر على الراحلة، وكل هذا داخل في قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١١٥] فهذه صلاة المعذور بالخوف، فإذا حصل الأمن صلى صلاة كاملة، ويدخل في قوله: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٣٩] تكميل الصلوات؛ ويدخل فيه أيضا الإكثار من ذكر الله شكرا له على نعمة الأمن، وعلى نعمة التعليم.