الكبوة التي عوتب عليها العبد، وتاب منها وأناب، وغفرها الله، وأبدل مكانها حسنة، لا يحل لأحد اللوم عليها، قل لمن قدم اللهو والتجارة على الطاعة: ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة، التي وإن حصل منها بعض المقاصد فإن ذلك قليل منغص مفوت لخير الآخرة.
وليس الصبر على طاعة الله مفوتا للرزق؛ فإن الله خير الرازقين، فمن اتقى الله رزقه من حيث لا يحتسب، ومن قدم الاشتغال بالتجارة على طاعة الله لم يبارك له في ذلك، وكان هذا دليلا على خلو قلبه من ابتغاء الفضل من الله، وانقطاع قلبه عن ربه، وتعلقه بالأسباب، وهذا ضرر محض يعقب الخسران.
* وفي هذه الآيات فوائد عديدة:
منها: أن الجمعة فريضة على المؤمنين يجب عليهم السعي لها والاهتمام بشأنها، وأن الخيرات المترتبة عليها لا يقابلها شيء.
ومنها مشروعية الخطبتين، وأنهما فريضتان، وأن المشروع أن يكون الخطيب قائما؛ لأن قوله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] يشمل السعي إلى الصلاة وإلى الخطبتين، وأيضا فإن الله ذم من ترك استماع الخطبة.
ومنها: مشروعية النداء يوم الجمعة وغيرها، لأن التقييد بيوم الجمعة دليل على أن هناك نداء لبقية الصلوات الخمس، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ [المائدة: ٥٨]
ومنها: النهي عن البيع والشراء بعد نداء الجمعة، وذلك يدل على التحريم وعدم النفوذ.
ومنها: أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإن البيع في الأصل مباح،