الغزو، ﴿وَاتَّقَوْا﴾ [آل عمران: ١٧٢] معصيته ﴿أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٢]
[١٧٣] ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] يَعْنِي أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ، ﴿فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] فَخَافُوهُمْ وَاحْذَرُوهُمْ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لكم بهم، ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾ [آل عمران: ١٧٣] تصديقا ويقينا وقوله: ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] أَيْ: كَافِينَا اللَّهُ، ﴿وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] أي: الموكل إِلَيْهِ الْأُمُورُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
[قوله تعالى فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ] سُوءٌ....
[١٧٤] ﴿فَانْقَلَبُوا﴾ [آل عمران: ١٧٤] فانصرفوا، ﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٧٤] بِعَافِيَةٍ لَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا ﴿وَفَضْلٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤] تجارة وربح، ﴿لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ [آل عمران: ١٧٤] لم يُصِبْهُمْ أَذًى وَلَا مَكْرُوهٌ، ﴿وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٧٤] فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: هَلْ يَكُونُ هذا غزو فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الْغَزْوِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ، ﴿وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤]
[١٧٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] يَعْنِي: ذَلِكَ الَّذِي قَالَ لَكُمْ: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ أَلْقَى فِي أفواههم لترهبوهم وتجبنوا عنهم، ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٧٥] أَيْ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ يَعْنِي: يُخَوِّفُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكَافِرِينَ، قَالَ السُّدِّيُّ: يُعَظِّمُ أَوْلِيَاءَهُ فِي صُدُورِهِمْ لِيَخَافُوهُمْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ)، ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ﴾ [آل عمران: ١٧٥] فِي تَرْكِ أَمْرِي ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٧٥] مصدقين بوعدي لأني متكفل لكم بالنصر وَالظَّفَرِ.
[١٧٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ﴾ [آل عمران: ١٧٦] قَرَأَ نَافِعٌ (يُحْزِنُكَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وكسر الزاي، وكذلك في جَمِيعُ الْقُرْآنِ إِلَّا قَوْلَهُ: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] ضِدَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَهُمَا لُغَتَانِ: حَزِنَ يَحْزُنُ وَأَحْزَنَ يُحْزِنُ، إِلَّا أَنَّ اللُّغَةَ الْغَالِبَةَ حَزِنَ يَحْزُنُ، ﴿الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ [آل عمران: ١٧٦] قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وقال غيره: الْمُنَافِقُونَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ بِمُظَاهَرَةِ الْكُفَّارِ. ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٧٦] بِمُسَارَعَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ، ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ١٧٦] نَصِيبًا فِي ثَوَابِ الْآخِرَةِ، فَلِذَلِكَ خَذَلَهُمْ حَتَّى سَارَعُوا فِي الْكُفْرِ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٦]
[١٧٧] ﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا﴾ [آل عمران: ١٧٧] اسْتَبْدَلُوا ﴿الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٧٧] بمسارعتهم في الكفر وَإِنَّمَا يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٧]
[١٧٨] ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ١٧٨] قَرَأَ حَمْزَةُ هَذَا وَالَّذِي بَعْدَهُ بِالتَّاءِ فِيهِمَا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، فَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ (فَالَّذِينَ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِ وَتَقْدِيرُهُ: لا يَحْسَبَنَّ الْكَفَّارُ إِمْلَاءَنَا لَهُمْ خَيْرًا، وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ يَعْنِي: وَلَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَإِنَّمَا نُصِبَ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الَّذِينَ، ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٨] وَالْإِمْلَاءُ الْإِمْهَالُ وَالتَّأْخِيرُ، يُقَالُ: عِشْتُ طويلا وَتَمَلَّيْتُ حِينًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: