[٦٩] ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [يونس: ٦٩] لَا يَنْجُونَ، وَقِيلَ: لَا يَبْقَوْنَ في الدنيا ولكن:
[٧٠] ﴿مَتَاعٌ﴾ [يونس: ٧٠] قَلِيلٌ يَتَمَتَّعُونَ بِهِ وَبَلَاغٌ يَنْتَفِعُونَ بِهِ إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ و (مَتَاعٌ) رُفِعَ بِإِضْمَارٍ، أَيْ: هُوَ مَتَاعٌ، ﴿فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس: ٧٠]
[قَوْلُهُ تَعَالَى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ] يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ....
[٧١] قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ﴾ [يونس: ٧١] أَيِ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ خَبَرَ نُوحٍ ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾ [يونس: ٧١] وَهُمْ وَلَدُ قَابِيلَ، ﴿يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ﴾ [يونس: ٧١] عظم وثقل عليكم، ﴿مَقَامِي﴾ [يونس: ٧١] طول عمري ومكثي فيكم ﴿وَتَذْكِيرِي﴾ [يونس: ٧١] ووعظي إياكم ﴿بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [يونس: ٧١] بِحُجَجِهِ وَبَيِّنَاتِهِ فَعَزَمْتُمْ عَلَى قَتْلِي وَطَرْدِي ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾ [يونس: ٧١] أَيْ: أَحْكِمُوا أَمْرَكُمْ واعْزِمُوا عَلَيْهِ، ﴿وَشُرَكَاءَكُمْ﴾ [يونس: ٧١] أَيْ: وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ، أَيْ: آلِهَتَكُمْ؛ فَاسْتَعِينُوا بِهَا لِتَجْتَمِعَ مَعَكُمْ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ مَعَ شُرَكَائِكُمْ، فَلَمَّا تَرَكَ (مَعَ) انْتَصَبَ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: (وَشُرَكَاؤُكُمْ) رَفْعٌ، أَيْ: فأجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم، وقرأ رويس عن يعقوب (فَاجْمَعُوا) بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، والوجه من جمع يجمع، والمراد فاجمعوا ذوي أمركم، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، والمعنى: اجمعوا رؤساءكم، ﴿ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ [يونس: ٧١] أَيْ: خَفِيًّا مُبْهَمًا، مِنْ قَوْلِهِمْ: غَمَّ الْهِلَالُ عَلَى النَّاسِ، أَيْ: أشكل عليهم وخفي، ﴿ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [يونس: ٧١] أَيِ: أَمْضُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَافْرَغُوا مِنْهُ، يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ إِذَا مَاتَ وَمَضَى، وَقَضَى دَيْنَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَوَجَّهُوا إِلَيَّ بِالْقَتْلِ وَالْمَكْرُوهِ وَقِيلَ: فَاقْضُوا مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ السَّحَرَةِ لِفِرْعَوْنَ: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ [طَهَ: ٧٢] أَيِ اعْمَلْ مَا أَنْتَ عَامِلٌ، ﴿وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [يونس: ٧١] وَلَا تُؤَخِّرُونَ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْجِيزِ، أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ نُوحٍ أَنَّهُ كَانَ وَاثِقًا بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ كَيْدِ قَوْمِهِ، عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُمْ وَآلِهَتَهُمْ لَيْسَ إِلَيْهِمْ نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.
[٧٢] ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ [يونس: ٧٢] أَعْرَضْتُمْ عَنْ قَوْلِي وَقَبُولِ نُصْحِي، ﴿فَمَا سَأَلْتُكُمْ﴾ [يونس: ٧٢] عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالدَّعْوَةِ، ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ [يونس: ٧٢] من جعل وعوض، ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ [يونس: ٧٢] مَا أَجْرِي وَثَوَابِي. ﴿إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٧٢] أَيْ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: مِنَ المستسلمين لأمر الله.
[٧٣] ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [يونس: ٧٣] يعني ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ﴾ [يونس: ٧٣] أَيْ: جَعَلَنَا الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفَلَكِ سُكَّانَ الْأَرْضِ خُلَفَاءَ عَنِ الْهَالِكِينَ. ﴿وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [يونس: ٧٣] أَيْ: آخِرُ أَمْرِ الَّذِينَ أَنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ فَلَمْ يُؤْمِنُوا.