[٩٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٩٦] حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ.
[٩٧] ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ [هود: ٩٧] بسديد.
[٩٨] ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ﴾ [هود: ٩٨] يتقدمهم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ﴾ [هود: ٩٨] فَأَدْخَلَهُمْ ﴿النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾ [هود: ٩٨] آي: بئس المدخل، والمدخول فيه.
[٩٩] ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ﴾ [هود: ٩٩] أَيْ: فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، ﴿لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ [هود: ٩٩] أَيِ: الْعَوْنُ الْمُعَانُ، وَقِيلَ: الْعَطَاءُ الْمُعْطَى، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَرَادَفَتْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَتَانِ، لَعْنَةٌ فِي الدُّنْيَا، وَلَعْنَةٌ في الآخرة.
[قَوْلُهُ تَعَالَى ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا] قَائِمٌ وَحَصِيدٌ....
[١٠٠] ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ﴾ [هود: ١٠٠] عامر، ﴿وَحَصِيدٌ﴾ [هود: ١٠٠] خَرَابٌ، وَقِيلَ: مِنْهَا قَائِمٌ بَقِيَتِ الحيطان وسقطت السقوف، وحصيد انْمَحَى أَثَرُهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: قَائِمٌ يُرَى لَهُ أَثَرٌ، وَحَصِيدٌ لَا يُرَى لَهُ أَثَرٌ، وَحَصِيدٌ بِمَعْنَى محصود.
[١٠١] ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ [هود: ١٠١] بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ، ﴿وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود: ١٠١] بِالْكَفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ. ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [هود: ١٠١] عَذَابُ رَبِّكَ، ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: ١٠١] أَيْ: غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وَقِيلَ: تَدْمِيرٌ.
[١٠٢] ﴿وَكَذَلِكَ﴾ [هود: ١٠٢] وَهَكَذَا، ﴿أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢] عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ [هود: ١٠٢] » الْآيَةَ (١).
[١٠٣] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [هود: ١٠٣] لِعِبْرَةً، ﴿لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ﴾ [هود: ١٠٣] يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود: ١٠٣] أَيْ: يَشْهَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
[١٠٤] ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ﴾ [هود: ١٠٤] أَيْ: وَمَا نُؤَخِّرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَلَا نُقِيمُ عَلَيْكُمُ الْقِيَامَةَ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ، وَمَا يُؤَخِّرُهُ بِالْيَاءِ، ﴿إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ [هود: ١٠٤] مَعْلُومٍ عِنْدَ اللَّهِ.
[١٠٥] ﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾ [هود: ١٠٥] بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا، ﴿لَا تَكَلَّمُ﴾ [هود: ١٠٥] أَيْ: لَا تَتَكَلَّمُ ﴿نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥] أَيْ: فَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الشَّقَاوَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السعادة.
[١٠٦] قَوْلُهُ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الزَّفِيرُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ، وَالشَّهِيقُ الصَّوْتُ الضَّعِيفُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: الزَّفِيرُ أَوَّلُ نَهِيقِ الْحِمَارِ، وَالشَّهِيقُ: آخِرُهُ إِذَا رَدَّدَهُ فِي جَوْفِهِ، وقال
_________
(١) أخرجه البخاري في التفسير ٨ / ٣٥٤ ومسلم في البر والصلة رقم (٢٥٨٣) ٤ / ١٩٩٧ والمصنف في شرح السنة ١٤ / ٣٥٨.