اللَّهُ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاتِهِ (١).
[٧٣] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ [الحجر: ٧٣] أَيْ: حِينَ أَضَاءَتِ الشَّمْسُ فَكَانَ ابْتِدَاءُ الْعَذَابِ حِينَ أَصْبَحُوا وَتَمَامُهُ حِينَ أَشْرَقُوا.
[٧٤] ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ [الحجر: ٧٤]
[٧٥] ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِلنَّاظِرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لِلْمُتَفَرِّسِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لِلْمُعْتَبِرِينَ. وقال مقاتل: للمتفكرين.
[٧٦] ﴿وَإِنَّهَا﴾ [الحجر: ٧٦] يَعْنِي قُرَى قَوْمِ لُوطٍ، ﴿لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] أَيْ: بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بِطْرِيقٍ مُعَلَّمٍ لَيْسَ بِخَفِيٍ وَلَا زَائِلٍ.
[٧٧] ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٧٧]
[٧٨] ﴿وَإِنْ كَانَ﴾ [الحجر: ٧٨] وقد كان ﴿أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ [الحجر: ٧٨] الغيضة، ﴿لَظَالِمِينَ﴾ [الحجر: ٧٨] لَكَافِرِينَ وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ وَهُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانُوا أَصْحَابَ غياض وشجر ملتف، وكانت عَامَّةُ شَجَرِهِمُ الدَّوْمُ وَهُوَ الْمُقْلُ.
[٧٩] ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الحجر: ٧٩] بِالْعَذَابِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بعث سَحَابَةً فَالْتَجَئُوا إِلَيْهَا يَلْتَمِسُونَ الرَّوْحَ، فبعث عليهم منها نارا فأحرقتهما، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] ﴿وَإِنَّهُمَا﴾ [الحجر: ٧٩] يَعْنِي مَدِينَتَي قَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ الأيكة ﴿لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩] لبطريق وَاضِحٍ مُسْتَبِينٍ.
[٨٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ﴾ [الْحِجْرِ: ٨٠] وَهِيَ مَدِينَةُ ثَمُودَ قَوْمِ صَالِحٍ وَهِيَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ، ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ [الحجر: ٨٠] أراد صالحا وحده، وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ من كذب رسولا فقد كذب الرسل كلهم.
[٨١] ﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا﴾ [الحجر: ٨١] يعني: الناقة وولدها والبئر والآية فِي النَّاقَةِ خُرُوجُهَا مِنَ الصَّخْرَةِ وَكِبَرُهَا وَقُرْبُ وِلَادِهَا وَغَزَارَةُ لَبَنِهَا، ﴿فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ [الحجر: ٨١]
[٨٢] ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٢] مِنَ الْخَرَابِ وَوُقُوعِ الْجَبَلِ عَلَيْهِمْ.
[٨٣] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ [الحجر: ٨٣] يعني: صيحة العذاب، ﴿مُصْبِحِينَ﴾ [الحجر: ٨٣] أَيْ: دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ.
[٨٤] قوله تعالى: ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الحجر: ٨٤] من الشرك والأعمال الخبيثة.
[٨٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ﴾ [الحجر: ٨٥] يعني: القيامة ﴿لَآتِيَةٌ﴾ [الحجر: ٨٥] يجازي المحسن بإحسانه والمسيئ
_________
(١) أخرجه الطبري في تفسيره ١٤ / ٤٤ والحارث بن أبي أسامة في مسنده وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردوية. انظر الدر المنثور ٥ / ٨٩ والمطالب العالية ٣ / ٣٤٧.


الصفحة التالية
Icon