ثم ذاره فِي الْيَمِّ.
[٩٨] ﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: ٩٨] وسع علمه كل شيء.
[قوله تعالى كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ] وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا....
[٩٩] ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ﴾ [طه: ٩٩] مِنَ الْأُمُورِ، ﴿وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا﴾ [طه: ٩٩] يَعْنِي الْقُرْآنَ.
[١٠٠] ﴿مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ﴾ [طه: ١٠٠] أَيْ عَنِ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ، ﴿فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا﴾ [طه: ١٠٠] حِمْلًا ثَقِيلًا مِنَ الْإِثْمِ.
[١٠١] ﴿خَالِدِينَ فِيهِ﴾ [طه: ١٠١] مُقِيمِينَ فِي عَذَابِ الْوِزْرِ، ﴿وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا﴾ [طه: ١٠١] أَيْ بِئْسَ مَا حَمَلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْإِثْمِ كُفْرًا بِالْقُرْآنِ.
[١٠٢] ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ [طه: ١٠٢] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو نَنْفُخُ بِالنُّونِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّ الْفَاءِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَنَحْشُرُ﴾ [طه: ١٠٢] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَضَمِّهَا وَفَتَحِ الْفَاءِ عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ، ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [طه: ١٠٢] المشركين، ﴿يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: ١٠٢] وَالزُّرْقَةُ هِيَ الْخُضْرَةُ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ فَيُحْشَرُونَ زُرْقَ الْعُيُونِ سُودَ الْوُجُوهِ. وَقِيلَ: زُرْقًا أَيْ عُمْيًا. وقيل: عطاشًا.
[١٠٣] ﴿يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ﴾ [طه: ١٠٣] أَيْ يَتَشَاوَرُونَ بَيْنَهُمْ وَيَتَكَلَّمُونَ خُفْيَةً، ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ﴾ [طه: ١٠٣] أَيْ مَا مَكَثْتُمْ فِي الدُّنْيَا، ﴿إِلَّا عَشْرًا﴾ [طه: ١٠٣] أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ. وَقِيلَ: فِي القبور: بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً، لِأَنَّ الْعَذَابَ يُرْفَعُ عَنْهُمْ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ اسْتَقْصَرُوا مُدَّةَ لَبْثِهِمْ لِهَوْلِ مَا عَايَنُوا.
[١٠٤] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [طه: ١٠٤] أي يتشاورون بَيْنَهُمْ، ﴿إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً﴾ [طه: ١٠٤] أَوْفَاهُمْ عَقْلًا وَأَعْدَلُهُمْ قَوْلًا، ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا﴾ [طه: ١٠٤] قَصُرَ ذَلِكَ فِي أَعْيُنِهِمْ فِي جَنْبِ مَا اسْتَقْبَلَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: نَسُوا مِقْدَارَ لَبْثِهِمْ لِشِدَّةِ مَا دَهَمَهُمْ.
[١٠٥] قَوْلُهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾ [طه: ١٠٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ تَكُونُ الْجِبَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآية، والنسف هو القلع يعني يَقْلَعُهَا مِنْ أَصْلِهَا وَيَجْعَلُهَا هَبَاءً منثورا.
[١٠٦] ﴿فَيَذَرُهَا﴾ [طه: ١٠٦] يعني فَيَدَعُ أَمَاكِنَ الْجِبَالِ مِنَ الْأَرْضِ، ﴿قَاعًا صَفْصَفًا﴾ [طه: ١٠٦] يعني أَرْضًا مَلْسَاءَ مُسْتَوِيَةً لَا نَبَاتَ فيها، والقاع ما انبسط من الأرض والصفصف الْأَمْلَسُ.
[١٠٧] ﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ [طه: ١٠٧] قَالَ مُجَاهِدٌ: انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْعِوَجُ مَا انْخَفَضَ مِنَ الأرض، والأمت ما نشز من الروابي، يعني لَا تَرَى وَادِيًا وَلَا رَابِيَةً. قَالَ قَتَادَةُ: لَا تَرَى فِيهَا صَدْعًا وَلَا أَكَمَةً.
[١٠٨] ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ﴾ [طه: ١٠٨] أَيْ صَوْتَ الدَّاعِي الَّذِي يَدْعُوهُمْ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ إِسْرَافِيلُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَضَعُ الصُّورَ فِي فِيهِ، وَيَقُولُ: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ وَالْجُلُودُ الْمُتَمَزِّقَةُ وَاللُّحُومُ الْمُتَفَرِّقَةُ هَلُمُّوا إِلَى عَرْضِ الرَّحْمَنِ، ﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾ [طه: ١٠٨] يعني لدعائه، وهو من المقلوب يعني لا عوج لهم من دُعَاءِ الدَّاعِي لَا يَزِيغُونَ عَنْهُ يمينًا ولا شمالا وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بَلْ يَتَّبِعُونَهُ سراعًا، ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ [طه: ١٠٨] يعني سكتت وذلت وخضعت، وصف الْأَصْوَاتَ بِالْخُشُوعِ وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا، ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨] يَعْنِي صَوْتَ وَطْءِ الْأَقْدَامِ إِلَى المحشر، والهمس الصَّوْتُ الْخَفِيُّ كَصَوْتِ أَخْفَافِ الْإِبِلِ فِي الْمَشْيِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ تَخَافُتُ الْكَلَامِ وَخَفْضُ الصَّوْتِ. وَرَوَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَحْرِيكُ الشِّفَاهِ مِنْ غير منطق.
[١٠٩] ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ﴾ [طه: ١٠٩] يَعْنِي لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، ﴿إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ [طه: ١٠٩] يعني إلا من أذن الله لَهُ أَنْ يَشْفَعَ، ﴿وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: ١٠٩] يَعْنِي وَرَضِيَ قَوْلَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ.


الصفحة التالية
Icon