مَبْهُوتٌ أَيْ مُتَحَيِّرٌ، ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٠] يُمْهَلُونَ.
[٤١] ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ﴾ [الأنبياء: ٤١] نَزَلَ ﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الأنبياء: ٤١] أَيْ جَزَاءُ اسْتِهْزَائِهِمْ.
[٤٢] ﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ﴾ [الأنبياء: ٤٢] يَحْفَظُكُمْ، ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ [الأنبياء: ٤٢] إِنْ أَنْزَلَ بِكُمْ عَذَابَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ يَمْنَعُكُمْ مِنْ عَذَابِ الرَّحْمَنِ، ﴿بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ﴾ [الأنبياء: ٤٢] عَنِ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظِ اللَّهِ، ﴿مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٢]
[٤٣] ﴿أَمْ لَهُمْ﴾ [الأنبياء: ٤٣] أي: صِلَةٌ فِيهِ، وَفِي أَمْثَالِهِ ﴿آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا﴾ [الأنبياء: ٤٣] فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ مِنْ دُونِنَا تَمْنَعُهُمْ، ثُمَّ وَصَفَ الْآلِهَةَ بِالضَّعْفِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأنبياء: ٤٣] مَنْعَ أَنْفُسِهِمْ، فَكَيْفَ يَنْصُرُونَ عَابِدِيهِمْ، ﴿وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُمْنَعُونَ.
وَقَالَ عَطِيَّةُ: عَنْهُ يُجَارُونَ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَنَا لَكَ جَارٌ وَصَاحِبٌ مَنْ فُلَانٍ، أَيْ مُجِيرٌ مِنْهُ. وَقَالَ مجاهد: ينصرون ويحفظون. وقال قتادة: لا يُصْبِحُونَ مِنَ اللَّهِ بِخَيْرٍ.
[٤٤] ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ﴾ [الأنبياء: ٤٤] الكفار، ﴿وَآبَاءَهُمْ﴾ [الأنبياء: ٤٤] فِي الدُّنْيَا أَيْ أَمْهَلْنَاهُمْ. وَقِيلَ: أَعْطَيْنَاهُمُ النِّعْمَةَ، ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [الأنبياء: ٤٤] أَيِ امْتَدَّ بِهِمُ الزَّمَانُ فَاغْتَرُّوا، ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ [الأنبياء: ٤٤] أي مَا نَنْقُصُ مِنْ أَطْرَافِ الْمُشْرِكِينَ وَنَزِيدُ فِي أَطْرَافِ الْمُؤْمِنِينَ، يُرِيدُ ظُهُورَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتْحَهُ دِيَارَ الشِّرْكِ أَرْضًا فأرضا، ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٤] أم نحن.
[قوله تعالى قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ] الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ.....
[٤٥] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ [الأنبياء: ٤٥] أَيْ أُخَوِّفُكُمْ بِالْقُرْآنِ، ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ﴾ [الأنبياء: ٤٥] قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما بِالتَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِ الْمِيمِ، (الصُّمَّ) نصبا، جَعَلَ الْخِطَابَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَفَتْحِ الْمِيمِ، الصُّمُّ رُفِعَ، ﴿إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٥] يخوفون.
[٤٦] ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ﴾ [الأنبياء: ٤٦] أصابتهم ﴿نَفْحَةٌ﴾ [الأنبياء: ٤٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما طرف. وقيل: قليل. وقال ابْنُ جُرَيْجٍ. نَصِيبٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ نَفَحَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مِنْ مَالِهِ أي أعطاه حظا ونصيبا مِنْهُ. وَقِيلَ: ضَرْبَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَفَحَتِ الدَّابَّةُ بِرِجْلِهَا إِذَا ضَرَبَتْ بها، ﴿مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٦] أَيْ بِإِهْلَاكِنَا إِنَّا كُنَّا مُشْرِكِينَ، دَعَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْوَيْلِ بَعْدَمَا أَقَرُّوا بِالشِّرْكِ.
[٤٧] ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] أَيْ ذَوَاتِ الْقِسْطِ وَالْقِسْطُ: الْعَدْلُ، ﴿لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ [الأنبياء: ٤٧] أي: لا تنقص من ثواب حسناتها ولا يزاد على سيئاتها ﴿وَإِنْ كَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] الشيء، ﴿مِثْقَالَ حَبَّةٍ﴾ [الأنبياء: ٤٧] أي زنة مثقال حبة. ﴿مِنْ خَرْدَلٍ﴾ [الأنبياء: ٤٧] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (مِثْقَالَ) بِرَفْعِ اللَّامِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ لُقْمَانَ يعني: وإن وقع مثقال حبة من خردل وَنَصَبَهَا الْآخَرُونَ عَلَى مَعْنًى وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ من خردل، ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ [الأنبياء: ٤٧] أَحْضَرْنَاهَا لِنُجَازِيَ بِهَا، ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] قَالَ السُّدِّيُّ: مُحْصِينَ، وَالْحَسْبُ مَعْنَاهُ: الْعَدُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَالِمِينَ حَافِظِينَ، لِأَنَّ مَنْ حَسَبَ شَيْئًا عَلِمَهُ وَحَفِظَهُ.
[٤٨] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨] يَعْنِي الْكِتَابَ الْمُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ التَّوْرَاةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْفَرْقَانُ النَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٤١] يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّهُ قال ﴿وَضِيَاءً﴾ [الأنبياء: ٤٨] أَدْخَلَ الْوَاوَ فِيهِ أَيْ آتَيْنَا مُوسَى النَّصْرَ وَالضِّيَاءَ، وَهُوَ التَّوْرَاةُ. وَمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْفُرْقَانِ التَّوْرَاةُ، قَالَ: الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَضِيَاءً﴾ [الأنبياء: ٤٨] زَائِدَةٌ مُقْحَمَةٌ، مَعْنَاهُ: آتَيْنَاهُ التَّوْرَاةَ ضِيَاءً، وَقِيلَ: هُوَ صِفَةٌ أُخْرَى للتوراة، ﴿وَذِكْرًا﴾ [الأنبياء: ٤٨] تذكيرا، ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٨]
[٤٩] ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ٤٩] أَيْ


الصفحة التالية
Icon