وَالشِّرْذِمَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ النَّاسِ غَيْرِ الكثير، وجمعها شراذم.
[٥٥] ﴿وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ﴾ [الشعراء: ٥٥] يُقَالُ غَاظَهُ وَأَغَاظَهُ وَغَيَّظَهُ إِذَا أَغْضَبَهُ، وَالْغَيْظُ وَالْغَضَبُ وَاحِدٌ، يَقُولُ: أغضبونا لمخالفتهم ديننا، وَخُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِنَا بِغَيْرِ إِذْنٍ منا.
[٥٦] ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٥٦] قال أَهْلُ التَّفْسِيرِ: حَاذِرُونَ أَيْ مُؤْدُونَ وَمُقْوُونَ، أَيْ: ذَوُو أَدَاةٍ وَقُوَّةٍ مُسْتَعِدُّونَ شَاكُونَ فِي السِّلَاحِ، وَمَعْنَى حذرون أَيْ خَائِفُونَ شَرَّهُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الحاذر المستعد، والحذر المستيقظ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْحَاذِرُ الَّذِي يَحْذَرُكَ الآن، والحذر الْمُخَوِّفُ. وَكَذَلِكَ لَا تَلْقَاهُ إِلَّا حَذِرًا. وَالْحَذَرُ اجْتِنَابُ الشَّيْءِ خَوْفًا منه.
[٥٧] ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ﴾ [الشعراء: ٥٧] وَفِي الْقِصَّةِ الْبَسَاتِينُ كَانَتْ مُمْتَدَّةً على حافتي النيل، ﴿وَعُيُونٍ﴾ [الشعراء: ٥٧] أنهار جارية.
[٥٨] ﴿وَكُنُوزٍ﴾ [الشعراء: ٥٨] يَعْنِي الْأَمْوَالَ الظَّاهِرَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: سَمَّاهَا كُنُوزًا لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ حَقَّ اللَّهِ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُعْطَ حَقُّ الله منها فَهُوَ كَنْزٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٥٨] أَيْ مَجْلِسٍ حَسَنٍ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَرَادَ مَجَالِسَ الْأُمَرَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ الَّتِي كَانَتْ تَحُفُّهَا الْأَتْبَاعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ الْمَنَابِرُ.
[٥٩] ﴿كَذَلِكَ﴾ [الشعراء: ٥٩] كما وصفنا، ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا﴾ [الشعراء: ٥٩] بهلاكهم، ﴿بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ٥٩] وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ بني إسرائيل إلى مصر بعدما أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَأَعْطَاهُمْ جَمِيعَ مَا كَانَ لِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنَ الأموال والمساكن.
[٦٠] ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ [الشعراء: ٦٠] يعني لَحِقُوهُمْ فِي وَقْتِ إِشْرَاقِ الشَّمْسِ، وَهُوَ إِضَاءَتُهَا أَيْ أَدْرَكَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مُوسَى وَأَصْحَابَهُ وَقْتَ شُرُوقِ الشمس.
[قوله تَعَالَى فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى] إِنَّا لَمُدْرَكُونَ...
[٦١] ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾ [الشعراء: ٦١] يعني تَقَابَلَا بِحَيْثُ يَرَى كُلُّ فَرِيقٍ صاحبه ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] يعني سَيُدْرِكُنَا قَوْمُ فِرْعَوْنَ وَلَا طَاقَةَ لنا بهم.
[٦٢] ﴿قَالَ﴾ [الشعراء: ٦٢] مُوسَى ثِقَةً بِوَعْدِ اللَّهِ إِيَّاهُ ﴿كَلَّا﴾ [الشعراء: ٦٢] لَنْ يُدْرِكُونَا، ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢] يَدُلُّنِي عَلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ.
[٦٣] ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] يعني فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ فَانْشَقَّ، ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ﴾ [الشعراء: ٦٣] قِطْعَةٌ مِنَ الْمَاءِ، ﴿كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣] كالجبل الضخم.
[٦٤] ﴿وَأَزْلَفْنَا﴾ [الشعراء: ٦٤] يعني وقربنا، ﴿ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٤] يَعْنِي قَوْمَ فِرْعَوْنَ، يَقُولُ: قَدَّمْنَاهُمْ إِلَى الْبَحْرِ وَقَرَّبْنَاهُمْ إِلَى الْهَلَاكِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَأَزْلَفْنَا: جَمَعْنَا، وَمِنْهُ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ أَيْ لَيْلَةُ الجمع.
[٦٥] ﴿وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ﴾ [الشعراء: ٦٥]
[٦٦] ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٦] فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا ضَرَبَهُ مُوسَى بِالْعَصَا اضْطَرَبَ فَجَعَلَ يَمُدُّ وَيَجْزُرُ.
[٦٧] ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٦٧] أَيْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قِيلَ. لَمْ يَكُنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وحزقيل المؤمن، ومريم بنت مأمويا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى عِظَامِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
[٦٨] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ٦٨] الْعَزِيزُ فِي الِانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ حِينَ أَنْجَاهُمْ.
[٦٩] قَوْلُهُ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الشعراء: ٦٩]
[٧٠] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ﴾ [الشعراء: ٧٠] أَيُّ شَيْءٍ تَعْبُدُونَ.
[٧١] ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ [الشعراء: ٧١] يعني نُقِيمُ عَلَى عِبَادَتِهَا. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا قَالَ: (فَنَظَلُّ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا بِالنَّهَارِ، دُونَ اللَّيْلِ، يُقَالُ: ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا إِذَا فَعَلَ بِالنَّهَارِ.
[٧٢] ﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ﴾ [الشعراء: ٧٢] أَيْ هَلْ يَسْمَعُونَ