عباس: بِكُلِّ شَرَفٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُوَ الْفَجُّ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. وَعَنْهُ أَيْضًا: إِنَّهُ الْمَنْظَرَةُ (١). ﴿آيَةً﴾ [الشعراء: ١٢٨] علامة ﴿تَعْبَثُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٨] بِمَنْ مَرَّ بِالطَّرِيقِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْنُونَ الْمَوَاضِعَ الْمُرْتَفِعَةَ لِيُشْرِفُوا عَلَى الْمَارَّةِ وَالسَّابِلَةِ فَيَسْخَرُوا مِنْهُمْ ويعبثوا بهم.
[١٢٩] ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَبْنِيَةً. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُصُورًا مُشَيَّدَةً. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ: أَنَّهَا الْحُصُونُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَآخِذُ الْمَاءِ يَعْنِي الْحِيَاضَ، وَاحِدَتُهَا مَصْنَعَةٌ، ﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩] أَيْ كَأَنَّكُمْ تَبْقُونَ فِيهَا خَالِدِينَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَوْثِقُونَ الْمَصَانِعَ كَأَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ.
[١٣٠] ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ﴾ [الشعراء: ١٣٠] أخذتم وسطوتم، ﴿بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٠] قَتْلًا بِالسَّيْفِ وَضَرْبًا بِالسَّوْطِ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي يَقْتُلُ وَيَضْرِبُ عَلَى الْغَضَبِ.
[١٣١] ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء: ١٣١]
[١٣٢] ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ﴾ [الشعراء: ١٣٢] أَيْ أَعْطَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ مَا تَعْلَمُونَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا أَعْطَاهُمْ فَقَالَ:
[١٣٣، ١٣٤] ﴿أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ - وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ [الشعراء: ١٣٣ - ١٣٤] يعني بَسَاتِينَ وَأَنْهَارٍ.
[١٣٥] ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ [الشعراء: ١٣٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ عَصَيْتُمُونِي، ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٣٥]
[١٣٦] ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا﴾ [الشعراء: ١٣٦] يعني مُسْتَوٍ عِنْدَنَا، ﴿أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٦] الْوَعْظُ كَلَامٌ يُلِينُ الْقَلْبَ بِذِكْرِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَهَيْتَنَا أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ النَّاهِينَ لنا.
[قوله تعالى إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ]....
[١٣٧] ﴿إِنْ هَذَا﴾ [الشعراء: ١٣٧] مَا هَذَا، ﴿إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٧] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ (خَلْقُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ اخْتِلَاقُ الْأَوَّلِينَ وَكَذِبُهُمْ، دَلِيلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا)، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (خُلُقُ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ، أَيْ عَادَةُ الْأَوَّلِينَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأَمْرُهُمْ أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ مَا عَاشُوا ثُمَّ يَمُوتُونَ وَلَا بَعْثَ وَلَا حِسَابَ.
[١٣٨] ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٨]
[١٣٩] ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٩]
[١٤٠] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٤٠]
[١٤١- ١٤٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ - إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ - إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ - فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ - أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا﴾ [الشعراء: ١٤١ - ١٤٦] يعني في الدنيا ﴿آمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٦] من العذاب.
_________
(١) بوزن المتربة وهي المرقبة انظر مختار الصحاح ص٦٦٧.


الصفحة التالية
Icon