عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وابن يا مين وَثَعْلَبَةُ وَأَسَدٌ وَأُسَيْدٌ.
[١٩٨] ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ﴾ [الشعراء: ١٩٨] يَعْنِي الْقُرْآنَ، ﴿عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٨] جَمْعُ الْأَعْجَمِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُفْصِحُ وَلَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا فِي النَّسَبِ، وَالْعَجَمِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى الْعَجَمِ، وَإِنْ كَانَ فَصِيحًا. وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِعَرَبِيِّ اللِّسَانِ.
[١٩٩] ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾ [الشعراء: ١٩٩] بِغَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ، ﴿مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٩] وَقَالُوا: مَا نَفْقَهُ قَوْلَكَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٤] وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ مِنَ الْعَرَبِ لَمَا آمَنُوا بِهِ أَنَفَةً من اتباعه.
[٢٠٠] ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ [الشعراء: ٢٠٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ أَدْخَلْنَا الشِّرْكَ وَالتَّكْذِيبَ ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٠]
[٢٠١] ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢٠١] أَيْ بِالْقُرْآنِ، ﴿حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الشعراء: ٢٠١] يعني عند الموت.
[٢٠٢] ﴿فَيَأْتِيَهُمْ﴾ [الشعراء: ٢٠٢] يعني العذاب، ﴿بَغْتَةً﴾ [الشعراء: ٢٠٢] فجأة، ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٢] بِهِ فِي الدُّنْيَا.
[٢٠٣] ﴿فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٣] أَيْ لِنُؤْمِنَ وَنُصَدِّقَ، يَتَمَنَّوْنَ الرَّجْعَةَ والنظرة. قال مقاتل: لما أوعد النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَذَابِ، قَالُوا: إِلَى مَتَى تُوعِدُنَا بِالْعَذَابِ مَتَى هَذَا الْعَذَابُ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
[٢٠٤، ٢٠٥] ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ - أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٤ - ٢٠٥] كَثِيرَةً فِي الدُّنْيَا يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ وَلَمْ نُهْلِكْهُمْ.
[٢٠٦] ﴿ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٦] يعني بالعذاب.
[قوله تعالى مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ....]
[٢٠٧] ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٧] بِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ وَإِنْ طَالَ تَمَتُّعُهُمْ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا فَإِذَا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ طُولُ التَّمَتُّعِ شَيْئًا، وَيَكُونُ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي نَعِيمٍ قَطُّ.
[٢٠٨] ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] رسل ينذرونهم.
[٢٠٩] ﴿ذِكْرَى﴾ [الشعراء: ٢٠٩] مَحَلُّهَا نَصْبٌ أَيْ يُنْذِرُونَهُمْ، تَذْكِرَةً، وَقِيلَ: رَفْعٌ أَيْ تِلْكَ ذِكْرَى، ﴿وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠٩] فِي تَعْذِيبِهِمْ حَيْثُ قَدَّمْنَا الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَعْذَرْنَا إِلَيْهِمْ.
[٢١٠] ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢١٠] وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ يُلْقُونَ الْقُرْآنَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢١٠] أَيْ بِالْقُرْآنِ، الشَّيَاطِينُ.
[٢١١] ﴿وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ﴾ [الشعراء: ٢١١] أَنْ يُنَزَّلُوا بِالْقُرْآنِ، ﴿وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [الشعراء: ٢١١] ذلك.
[٢١٢] ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ﴾ [الشعراء: ٢١٢] أَيْ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ مِنَ السماء، ﴿لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٢] أَيْ مَحْجُوبُونَ بِالشُّهُبِ مَرْجُومُونَ.
[٢١٣] ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَذِّرُ بِهِ غَيْرَهُ، يَقُولُ: أَنْتَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيَّ وَلَوِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَعَذَّبْتُكَ.
[٢١٤] ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا، فهتف يا صباحاه، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خيلا تخرج من سفح هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ "؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٌ" فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لهذا؟! ثم قال: فَنَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وتب) » (١).
[٢١٥] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ﴾ [الشعراء: ٢١٥] يعني ألن جانبك ﴿لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٢١٥]
[٢١٦] ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٦] مِنَ الْكُفْرِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ.
_________
(١) أخرجه البخاري في التفسير ٨ / ٧٣٧ ومسلم في الإيمان رقم (٢٠٨) ١ / ١٩٣ والمصنف في شرح السنة ١٣ / ٣٢٧.


الصفحة التالية
Icon