ما حضرنا، ﴿مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ [النمل: ٤٩] أَيْ إِهْلَاكَهُمْ، وَلَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ، وَمَنْ فَتَحَ الْمِيمَ فَمَعْنَاهُ هلاك أهله، ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [النمل: ٤٩] فِي قَوْلِنَا مَا شَهِدْنَا ذَلِكَ.
[٥٠] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا﴾ [النمل: ٥٠] غَدَرُوا غَدْرًا حِينَ قَصَدُوا تَبْيِيتَ صَالِحٍ وَالْفَتْكَ بِهِ، ﴿وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ [النمل: ٥٠] جَزَيْنَاهُمْ عَلَى مَكْرِهِمْ بِتَعْجِيلِ عُقُوبَتِهِمْ، ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ٥٠]
[٥١] ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا﴾ [النمل: ٥١] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (أَنَّا) بِفَتْحِ الْأَلِفِ رَدًّا عَلَى الْعَاقِبَةِ، أَيْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (إِنَّا) بالكسر على الاستئناف، ﴿دَمَّرْنَاهُمْ﴾ [النمل: ٥١] أَيْ أَهْلَكْنَاهُمُ التِّسْعَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ هَلَاكِهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَرْسَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى دَارِ صَالِحٍ يَحْرُسُونَهُ فَأَتَى التِّسْعَةُ دَارَ صَالِحٍ شَاهِرِينَ سُيُوفَهُمْ فَرَمَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بالحجارة من حيث يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ، فَقَتَلَهُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: نزل فِي سَفْحِ جَبَلٍ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِيَأْتُوا دَارَ صَالِحٍ، فَجَثَمَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلُ فَأَهْلَكَهُمْ، ﴿وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النمل: ٥١] أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ.
[٥٢] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً﴾ [النمل: ٥٢] نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ خَالِيَةً، ﴿بِمَا ظَلَمُوا﴾ [النمل: ٥٢] أَيْ بِظُلْمِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [النمل: ٥٢] لعبرة، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: ٥٢] قُدْرَتَنَا.
[٥٣] ﴿وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [النمل: ٥٣] يُقَالُ: كَانَ النَّاجُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ.
[٥٤] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ [النمل: ٥٤] وَهِيَ الْفِعْلَةُ الْقَبِيحَةُ، ﴿وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [النمل: ٥٤] أَيْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا فَاحِشَةٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَرَى بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَكَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ عُتُوًّا مِنْهُمْ.
[٥٥] ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [النمل: ٥٥]
[قوله تعالى فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا] آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ....
[٥٦] ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل: ٥٦] مِنْ أَدْبَارِ الرِّجَالِ.
[٥٧] ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا﴾ [النمل: ٥٧] قَضَيْنَا عَلَيْهَا وَجَعَلْنَاهَا بِتَقْدِيرِنَا، ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [النمل: ٥٧] أَيِ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ.
[٥٨] ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا﴾ [النمل: ٥٨] وهو الحجارة، ﴿فَسَاءَ﴾ [النمل: ٥٨] فبئس، ﴿مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [النمل: ٥٨]
[٥٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النمل: ٥٩] هَذَا خِطَابٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى هَلَاكِ كُفَّارِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَقِيلَ: عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ، ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩] قَالَ مُقَاتِلٌ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ أَبِي مَالِكٍ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ. هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ: هُمُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ السَّابِقِينَ


الصفحة التالية
Icon