وألن جانبك لهم، وقال الْفَرَّاءُ: أَرَادَ بِالْجَنَاحِ الْعَصَا، مَعْنَاهُ اضْمُمْ إِلَيْكَ عَصَاكَ، وَقِيلَ: الرَّهْبُ الْكُمُّ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْأَعْرَابِ يَقُولُ: أَعْطِنِي مَا فِي رَهْبِكَ أَيْ فِي كُمِّكَ، مَعْنَاهُ اضْمُمْ إِلَيْكَ يَدَكَ وَأَخْرِجْهَا مِنَ الْكُمِّ، لِأَنَّهُ تَنَاوَلَ الْعَصَا وَيَدُهُ فِي كُمِّهِ، ﴿فَذَانِكَ﴾ [القصص: ٣٢] يَعْنِي الْعَصَا وَالْيَدُ الْبَيْضَاءُ، ﴿بُرْهَانَانِ﴾ [القصص: ٣٢] آيَتَانِ، ﴿مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [القصص: ٣٢]
[٣٣] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [القصص: ٣٣]
[٣٤] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ [القصص: ٣٤] وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلْعُقْدَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي لِسَانِهِ مِنْ وَضْعِ الْجَمْرَةِ فِي فِيهِ، ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ [القصص: ٣٤] عَوْنًا، يُقَالُ: رَدَأْتُهُ أَيْ أَعَنْتُهُ، ﴿يُصَدِّقُنِي﴾ [القصص: ٣٤] قرأ ابن عمر وعامر وَحَمْزَةُ بِرَفْعِ الْقَافِ عَلَى الْحَالِ، أي ردًّا مُصَدِّقًا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الدُّعَاءِ وَالتَّصْدِيقِ لِهَارُونَ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: لِكَيْ يُصَدِّقَنِي فِرْعَوْنُ، ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: ٣٤] يَعْنِي فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ.
[٣٥] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ [القصص: ٣٥] أَيْ نُقَوِّيكَ بِأَخِيكَ وَكَانَ هَارُونُ يَوْمَئِذٍ بِمِصْرَ، ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾ [القصص: ٣٥] حُجَّةً وَبُرْهَانًا، ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾ [القصص: ٣٥] أَيْ لَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِقَتْلٍ وَلَا سُوءٍ لِمَكَانِ آيَاتِنَا، وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ: وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا بِآيَاتِنَا بِمَا نُعْطِيكُمَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا، ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [الْقَصَصُ: ٣٥] أَيْ لَكُمَا وَلِأَتْبَاعِكُمَا الْغَلَبَةُ عَلَى فرعون وقومه.
[قوله تعالى فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا] مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ....
[٣٦] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ﴾ [القصص: ٣٦] وَاضِحَاتٍ، ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾ [القصص: ٣٦] مختلف ﴿وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ [القصص: ٣٦] بِالَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ، ﴿فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [القصص: ٣٦]
[٣٧] ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ﴾ [القصص: ٣٧] بِالْمُحِقِّ مِنَ الْمُبْطِلِ، ﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ [القصص: ٣٧] يعني الْعُقْبَى الْمَحْمُودَةُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [القصص: ٣٧] يعني الْكَافِرُونَ.
[٣٨] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ [القصص: ٣٨] يعني فَاطْبُخْ لِي الْآجُرَّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أول من اتخذ الْآجُرِّ وَبَنَى بِهِ، ﴿فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا﴾ [القصص: ٣٨] قصرا عاليا، وقيل: منارة، ﴿لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [القصص: ٣٨] أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَقِفُ عَلَى حَالِهِ، ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ﴾ [القصص: ٣٨] يعني موسى، ﴿مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص: ٣٨] في زعمه أن للأرض وللخلق إِلَهًا غَيْرِي، وَأَنَّهُ رَسُولُهُ.
[٣٩] ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ﴾ [القصص: ٣٩] قَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ: (يَرْجِعُونَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ


الصفحة التالية
Icon