﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٣٦] وَالْخِيَرَةُ اسْمٌ مِنَ الِاخْتِيَارِ يُقَامُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، وَهِيَ اسْمٌ لِلْمُخْتَارِ أَيْضًا كَمَا يُقَالُ: مُحَمَّدٌ خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: ٦٨]
[٦٩] ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [القصص: ٦٩] يُظْهِرُونَ.
[٧٠] ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ﴾ [القصص: ٧٠] يَحْمَدُهُ أَوْلِيَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا وَيَحْمَدُونَهُ فِي الْآخِرَةِ فِي الْجَنَّةِ، ﴿وَلَهُ الْحُكْمُ﴾ [القصص: ٧٠] فَصْلُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْخَلْقِ. قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَكَمَ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِأَهْلِ معصيته بالشقاء، ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: ٧٠]
[قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ] سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ...
[٧١] قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ [القصص: ٧١] أَخْبِرُونِي يَا أَهْلَ مَكَّةَ ﴿إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا﴾ [القصص: ٧١] دائما، ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القصص: ٧١] لَا نَهَارَ مَعَهُ، ﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ﴾ [القصص: ٧١] بِنَهَارٍ تَطْلُبُونَ فِيهِ الْمَعِيشَةَ، ﴿أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾ [القصص: ٧١] سَمَاعَ فَهْمٍ وَقَبُولٍ.
[٧٢] ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ [القصص: ٧٢] أَخْبِرُونِي يَا أَهْلَ مَكَّةَ ﴿إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القصص: ٧٢] لا دليل فِيهِ، ﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القصص: ٧٢] مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ.
[٧٣] ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ [القصص: ٧٣] أَيْ فِي اللَّيْلِ، ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [القصص: ٧٣] نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
[٧٤] ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [القصص: ٧٤] كَرَّرَ ذِكْرَ النِّدَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ لِزِيَادَةِ التقريع والتوبيخ.
[٧٥] ﴿وَنَزَعْنَا﴾ [القصص: ٧٥] أَخْرَجْنَا، ﴿مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾ [القصص: ٧٥] يَعْنِي رَسُولَهُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ. فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا من كل أمة بشهيد، ﴿فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ [القصص: ٧٥] حُجَّتَكُمْ بِأَنَّ مَعِيَ شَرِيكًا. ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ﴾ [القصص: ٧٥] التَّوْحِيدَ، ﴿لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: ٧٥] فِي الدُّنْيَا.
[٧٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ [القصص: ٧٦] كَانَ ابْنُ عَمِّهِ لِأَنَّهُ قَارُونُ بْنُ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ قَارُونُ عَمَّ مُوسَى كَانَ أَخَا عِمْرَانَ، وَهُمَا ابْنَا يَصْهَرَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَقْرَأَ لِلتَّوْرَاةِ مِنْ قَارُونَ، وَلَكِنَّهُ نَافَقَ كَمَا نافق السامري، ﴿فَبَغَى عَلَيْهِمْ﴾ [القصص: ٧٦] قِيلَ: كَانَ عَامِلًا لِفِرْعَوْنَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ يَبْغِي عَلَيْهِمْ وَيَظْلِمُهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بَغَى عَلَيْهِمْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بَغَى عليهم بالشرك، وَقِيلَ: بَغَى عَلَيْهِمْ بِالْكِبَرِ وَالْعُلُوِّ ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ﴾ [القصص: ٧٦] هي جمع مفتاح وَهُوَ الَّذِي يُفْتَحُ بِهِ


الصفحة التالية
Icon