فَهُمَا يَتَوَادَّانِ وَيَتَرَاحَمَانِ وَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ رَحِمٍ بَيْنَهُمَا، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: ٢١] فِي عَظَمَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ.
[٢٢] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ﴾ [الروم: ٢٢] يَعْنِي اخْتِلَافَ اللُّغَاتِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ والعجمية وغيرهما، ﴿وَأَلْوَانِكُمْ﴾ [الروم: ٢٢] أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ وَأَحْمَرَ وَأَنْتُمْ وَلَدُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: ٢٢] قَرَأَ حَفْصٌ: (لِلْعَالِمِينَ) بِكَسْرِ اللَّامِ.
[٢٣] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [الروم: ٢٣] أَيْ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِالنَّهَارِ أَيْ تَصَرُّفُكُمْ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣] سَمَاعَ تَدَبُّرٍ وَاعْتِبَارٍ.
[٢٤] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا﴾ [الروم: ٢٤] للمسافر من الصواعق، ﴿وَطَمَعًا﴾ [الروم: ٢٤] لِلْمُقِيمِ فِي الْمَطَرِ. ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ﴾ [الروم: ٢٤] يَعْنِي بِالْمَطَرِ، ﴿الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الروم: ٢٤] أي بعد يبسها ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٤]
[قوله تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ] ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ...
[٢٥] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ [الروم: ٢٥] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَامَتَا عَلَى غَيْرِ عَمَدٍ بِأَمْرِهِ. وَقِيلَ: يَدُومُ قيامهما بِأَمْرِهِ، ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ [الروم: ٢٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنَ الْقُبُورِ، ﴿إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥] مِنْهَا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ مِنَ الْأَرْضِ.
[٢٦] ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [الروم: ٢٦] مطيعون، قال الكلبي: لهذا خَاصٌ لِمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُطِيعًا، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: كُلٌّ لَهُ مُطِيعُونَ فِي الْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ وَالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ وَإِنْ عَصَوْا فِي الْعِبَادَةِ.
[٢٧] ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ [الروم: ٢٧] يَخْلُقُهُمْ أَوَّلًا ثُمَّ يُعِيدُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْبَعْثِ، ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] قال الربيع بن خثيم وَقَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ: أَيْ هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ وَمَا شَيْءٌ عَلَيْهِ بِعَزِيزٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عباس، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيْ أَيْسَرُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ ضَرَبِ الْمَثَلِ أَيْ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَقَعُ فِي عُقُولِكُمْ، فَإِنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي عُقُولِ النَّاسِ أَنَّ الْإِعَادَةَ تَكُونُ أَهْوَنَ مِنَ الْإِنْشَاءِ، أَيْ الِابْتِدَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ عِنْدَكُمْ. وَقِيلَ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْخَلْقِ يَقُومُونَ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا نُطَفًا، ثُمَّ عَلَقًا ثُمَّ مُضَغًا إِلَى أَنْ يصيروا رجالا ونساء ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧] أَيِ الصِّفَةُ الْعُلْيَا ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الروم: ٢٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هو ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [الروم: ٢٧] في ملكه، ﴿الْحَكِيمُ﴾ [الروم: ٢٧] فِي خَلْقِهِ.
[٢٨] ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [الروم: ٢٨] أَيْ بَيَّنَ


الصفحة التالية
Icon