[١٩] ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ [السجدة: ١٩] الَّتِي يَأْوِي إِلَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ، ﴿نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٩]
[٢٠] ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة: ٢٠]
[قوله تعالى وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ] الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ...
[٢١] ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ [السجدة: ٢١] أَيْ سِوَى الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: ٢١] قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: الْعَذَابِ الْأَدْنَى مَصَائِبِ الدُّنْيَا وَأَسْقَامِهَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ عنه: الْحُدُودُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْجُوعُ سَبْعَ سِنِينَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْعِظَامَ وَالْكِلَابَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ، ﴿دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ [السجدة: ٢١] يَعْنِي عَذَابَ الْآخِرَةِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: ٢١] إِلَى الْإِيمَانِ، يَعْنِي مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بَعْدَ بَدْرٍ وَبَعْدَ الْقَحْطِ.
[٢٢] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [السجدة: ٢٢] يعني المشركين، ﴿مُنْتَقِمُونَ﴾ [السجدة: ٢٢] ٢٣،
[٢٤] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ [السجدة: ٢٣] يَعْنِي فَلَا تَكُنْ فِي شَكٍّ مِنْ لِقَاءِ مُوسَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، قاله ابن عباس وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا كَأَنَّهُ من رجال شنوءة» (١) قَالَ السُّدِّيُ: فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ أَيْ مِنْ تَلَقِّي مُوسَى كِتَابَ اللَّهِ بِالرِّضَا والقبول، ﴿وَجَعَلْنَاهُ﴾ [السجدة: ٢٣] يَعْنِي الْكِتَابَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: مُوسَى، ﴿هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ - وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ﴾ [السجدة: ٢٣ - ٢٤] يَعْنِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ﴿أَئِمَّةً﴾ [السجدة: ٢٤] قَادَةً فِي الْخَيْرِ يُقْتَدَى بِهِمْ، يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ، ﴿يَهْدُونَ﴾ [السجدة: ٢٤] يدعون، ﴿بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة: ٢٤] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ لِصَبْرِهِمْ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ حِينَ صَبَرُوا عَلَى دِينِهِمْ وَعَلَى الْبَلَاءِ مِنْ عَدُّوهُمْ بِمِصْرَ، ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ٢٤]
[٢٥] ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ﴾ [السجدة: ٢٥] يَقْضِي، ﴿بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [السجدة: ٢٥]
[٢٦] ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ﴾ [السجدة: ٢٦] لَمْ يَتَبَيَّنْ، ﴿لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ [السجدة: ٢٦] آيَاتِ اللَّهِ وَعِظَاتِهِ فَيَتَّعِظُونَ بِهَا.
[٢٧] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ﴾ [السجدة: ٢٧] أَيْ الْيَابِسَةِ الْغَلِيظَةِ الَّتِي لَا نبات فيها ﴿فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ﴾ [السجدة: ٢٧] من العشب
_________
(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق ٦ / ٣١٤ ومسلم في الإيمان برقم (١٦٥) ١ / ١٥١.