، يَعْنُونَ الْقُرْآنَ، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [سبأ: ٤٣] أي بين.
[٤٤] ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ [سبأ: ٤٤] يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، ﴿مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا﴾ [سبأ: ٤٤] يَقْرَؤُونَهَا، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [سبأ: ٤٤] أَيْ لَمْ يَأْتِ الْعَرَبَ قَبْلَكَ نَبِيٌّ وَلَا نُزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ.
[٤٥] ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [سبأ: ٤٥] مِنَ الْأُمَمِ رُسُلَنَا وَهُمْ عَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وغيرهم، ﴿وَمَا بَلَغُوا﴾ [سبأ: ٤٥] يعني هؤلاء المشركين، ﴿مِعْشَارَ﴾ [سبأ: ٤٥] أي عشر، ﴿مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ [سبأ: ٤٥] أَيْ أَعْطَيْنَا الْأُمَمَ الْخَالِيَةَ مِنَ الْقُوَّةِ وَالنِّعْمَةِ وَطُولِ الْعُمُرِ، ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [سبأ: ٤٥] أَيْ إِنْكَارِي وَتَغْيِيرِي عَلَيْهِمْ، يُحَذِّرُ كُفَّارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ.
[٤٦] ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ [سبأ: ٤٦] أي بخصلة واحدة، تم بَيْنَ تِلْكَ الْخَصْلَةَ فَقَالَ: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ [سبأ: ٤٦] أي لأجل الله، ﴿مَثْنَى﴾ [سبأ: ٤٦] أي اثنين اثنين، ﴿وَفُرَادَى﴾ [سبأ: ٤٦] أَيْ وَاحِدًا وَاحِدًا، ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ [سبأ: ٤٦] جَمِيعًا أَيْ تَجْتَمِعُونَ فَتَنْظُرُونَ وَتَتَحَاوَرُونَ وَتَنْفَرِدُونَ، فَتُفَكِّرُونَ فِي حَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَعْلَمُوا، ﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ [سبأ: ٤٦] أي جُنُونٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْقِيَامِ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْجُلُوسِ وَإِنَّمَا هُوَ قِيَامٌ بِالْأَمْرِ الَّذِي هُوَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾ [النِّسَاءِ: ١٢٧] ﴿إِنْ هُوَ﴾ [سبأ: ٤٦] مَا هُوَ، ﴿إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٤٦] قَالَ مُقَاتِلٌ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) أَيْ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَتَعْلَمُوا أَنَّ خَالِقَهَا وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ.
[٤٧] ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ﴾ [سبأ: ٤٧] عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ [سبأ: ٤٧] جعل ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾ [سبأ: ٤٧] يَقُولُ: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى تبليغ الرسالة أجرا فتفهموني، ومعنى قوله: ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾ [سبأ: ٤٧] أَيْ لَمْ أَسْأَلْكُمْ شَيْئًا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: مَا لِي مِنْ هَذَا فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ يُرِيدُ لَيْسَ لِي فِيهِ شَيْءٌ، ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ [سبأ: ٤٧] مَا ثَوَابِي، ﴿إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [سبأ: ٤٧]
[٤٨] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ [سبأ: ٤٨] وَالْقَذْفُ الرَّمْيُ بِالسَّهْمِ وَالْحَصَى، وَالْكَلَامِ، ومعناه أتى بِالْحَقِّ وَبِالْوَحْيِ يُنْزِلُهُ مِنَ السَّمَاءِ فَيَقْذِفُهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: ٤٨] رُفِعُ بِخَبَرِ إِنَّ أَيْ وَهُوَ علام الغيوب.
[قوله تعالى قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ]...
[٤٩] ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ﴾ [سبأ: ٤٩] يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْإِسْلَامَ، ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبأ: ٤٩] أَيْ ذَهَبَ الْبَاطِلُ وَزَهَقَ فَلَمْ يبق منه بقية يبدىء شَيْئًا أَوْ يُعِيدُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ١٨] وَقَالَ قَتَادَةُ. الْبَاطِلُ هُوَ إِبْلِيسُ، وَهُوَ قَوْلُ مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِّ، وَقِيلَ: الْبَاطِلُ الْأَصْنَامُ.
[٥٠] ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ [سبأ: ٥٠] وذلك أن كفار مكة يَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ قَدْ ضَلَلْتَ حين تركت


الصفحة التالية
Icon