و (ما) صلة، مجازه: كل جميع، ﴿لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٣٢]
[٣٣] ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا﴾ [يس: ٣٣] بالمطر، ﴿وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا﴾ [يس: ٣٣] يَعْنِي الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، ﴿فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾ [يس: ٣٣] أَيْ مِنَ الْحَبِّ.
[٣٤] ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ﴾ [يس: ٣٤] بَسَاتِينَ، ﴿مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا﴾ [يس: ٣٤] في الأرض، ﴿مِنَ الْعُيُونِ﴾ [يس: ٣٤]
[٣٥] ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ﴾ [يس: ٣٥] أَيْ مِنَ الثَّمَرِ الْحَاصِلِ بِالْمَاءِ، ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ﴾ [يس: ٣٥] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ (عَمِلَتْ) بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (عَمِلَتْهُ) بِالْهَاءِ أَيْ يَأْكُلُونَ مِنَ الذي عملته، ﴿أَيْدِيهِمْ﴾ [يس: ٣٥] من الزرع والغرس، والهاء عائدة إلى (ما) التي هي بِمَعْنَى الَّذِي. وَقِيلَ: مَا لِلنَّفْيِ في قوله ما عملته أيديهم أي وجدوها معمولة ولم تعمله أَيْدِيهِمْ، وَلَا صُنْعَ لَهُمْ فِيهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْعُيُونَ وَالْأَنْهَارَ الَّتِي لَمْ تَعْمَلْهَا يَدُ خَلْقٍ مِثْلَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَالنِّيلِ وَنَحْوِهَا، ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ [يس: ٣٥] نِعْمَةَ اللَّهِ.
[٣٦] ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾ [يس: ٣٦] أي الأصناف كلها، ﴿مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ﴾ [يس: ٣٦] من الثمار والحبوب، ﴿وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [يس: ٣٦] يَعْنِي الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، ﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يس: ٣٦] مما خلق من الأشياء مع دَوَابِّ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.
[٣٧] ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ﴾ [يس: ٣٧] تَدَلُّ عَلَى قُدْرَتِنَا، ﴿اللَّيْلُ نَسْلَخُ﴾ [يس: ٣٧] نَنْزِعُ وَنَكْشِطُ، ﴿مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾ [يس: ٣٧] دَاخِلُونَ فِي الظُّلْمَةِ، وَمَعْنَاهُ نُذْهِبُ النَّهَارَ وَنَجِيءُ بِاللَّيْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ هِيَ الظُّلْمَةُ وَالنَّهَارُ دَاخِلٌ عَلَيْهَا، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ سُلِخَ النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَظْهَرُ الظُّلْمَةُ.
[٣٨] ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ [يس: ٣٨] أي إلى مستقر لها. قيل: إِلَى انْتِهَاءِ سَيْرِهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا وَقِيَامِ السَّاعَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا تَسِيرُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَبْعَدِ مَغَارِبِهَا، ثُمَّ تَرْجِعُ فَذَلِكَ مُسْتَقَرُّهَا لِأَنَّهَا لَا تُجَاوِزُهُ. وَقِيلَ: مُسْتَقَرُّهَا نِهَايَةُ ارْتِفَاعِهَا فِي السَّمَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَنِهَايَةُ هُبُوطِهَا فِي الشِّتَاءِ، ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [يس: ٣٨] وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْ لَا قَرَارَ لَهَا وَلَا وُقُوفَ فَهِيَ جَارِيَةٌ أَبَدًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
[٣٩] ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ﴾ [يس: ٣٩] أي قدرنا له، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ (الْقَمَرُ) بِرَفْعِ الرَّاءِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [فصلت: ٣٧] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ لِقَوْلِهِ: (قَدَّرْنَاهُ) أي قدرنا القمر، ﴿مَنَازِلَ﴾ [يس: ٣٩] وقد ذكرنا عددها فِي سُورَةِ يُونُسَ (١) فَإِذَا صَارَ الْقَمَرُ إِلَى آخَرِ الْمَنَازِلِ دَقَّ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: ٣٩] والعرجون عود العذق
_________
(١) انظر هنا (ص ٣٩٠) من هذا المختصر.


الصفحة التالية
Icon