[٣] ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٣] يَتَطَهَّرَ مِنَ الذُّنُوبِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وما يتعلمه منك.
[٤] ﴿أَوْ يَذَّكَّرُ﴾ [عبس: ٤] يتعظ، ﴿فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس: ٤] الموعظة.
[٥] ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ [عبس: ٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنِ اللَّهِ وَعَنِ الْإِيمَانِ بِمَا لَهُ مِنَ المال.
[٦] ﴿فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ [عبس: ٦] تَتَعَرَّضُ لَهُ وَتُقْبِلُ عَلَيْهِ وَتُصْغِي إلى كلامه.
[٧] ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٧] ألا يُؤْمِنُ وَلَا يَهْتَدِي، إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ.
[٨] ﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى﴾ [عبس: ٨] يَمْشِي يَعْنِي ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.
[٩] ﴿وَهُوَ يَخْشَى﴾ [عبس: ٩] اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ -.
[١٠] ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ١٠] تتشاغل وتعرض عنه.
[١١] ﴿كَلَّا﴾ [عبس: ١١] زَجْرٌ أَيْ لَا تَفْعَلْ بَعْدَهَا مثلها، ﴿إِنَّهَا﴾ [عبس: ١١] يعني هذه الموعظة ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ [عبس: ١١] مَوْعِظَةٌ وَتَذْكِيرٌ لِلْخَلْقِ.
[١٢] ﴿فَمَنْ شَاءَ﴾ [عبس: ١٢] من عباد الله ﴿ذَكَرَهُ﴾ [عبس: ١٢] أي اتعظ به.
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ جَلَالَتِهِ عِنْدَهُ فقال:
[١٣] ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ﴾ [عبس: ١٣] يَعْنِي اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ. وَقِيلَ: كُتُبُ الأنبياء، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -:: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى).
[١٤] ﴿مَرْفُوعَةٍ﴾ [عبس: ١٤] رَفِيعَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -. وَقِيلَ: مَرْفُوعَةٍ يَعْنِي فِي السماء السابعة. ﴿مُطَهَّرَةٍ﴾ [عبس: ١٤] لَا يَمَسُّهَا إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وَهُمُ الملائكة.
[١٥] ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: ١٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: كَتَبَةٌ، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، وَقَالَ الْآخَرُونَ: هُمُ الرُّسُلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَاحِدُهُمْ سَفِيرٌ، وَهُوَ الرَّسُولُ، وَسَفِيرُ الْقَوْمِ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمْ بالصلح.
[١٦] ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] أَيْ كِرَامٍ عَلَى اللَّهِ بَرَرَةٍ مُطِيعِينَ جَمْعُ بَارٍّ.
[١٧] قَوْلُهُ - عَزَّ وجل -: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ﴾ [عبس: ١٧] أي لعن الكافر ﴿مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] ما أشد كفره مَعَ كَثْرَةِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ وَأَيَادِيهِ عنده، على طريق التعجب.
ثم تبين مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي مَعَهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ.
[١٨] فَقَالَ: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [عبس: ١٨] لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ.
[١٩] ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ [عبس: ١٩] أطوار: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً إِلَى آخِرِ خلقه.
[٢٠] ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] أَيْ طَرِيقَ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أمه، وقال الحسن وَمُجَاهِدٌ: يَعْنِي طَرِيقَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ سهل له العلم به: وَقِيلَ: يَسَّرَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ما خلقه له وقدر عليه.
[٢١] ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: ٢١] جَعَلَ لَهُ قَبْرًا يُوَارَى فِيهِ.