مِنْ قُلُوبِهِمْ حُبَّ الدُّنْيَا وَذِكْرَهَا، وَأَخْلَصْنَاهُمْ بِحُبِّ الْآخِرَةِ وَذِكْرِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا يَدْعُونَ إِلَى الْآخِرَةِ وَإِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: أُخْلَصُوا بِخَوْفِ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخْلَصْنَاهُمْ بِأَفْضَلِ مَا فِي الْآخِرَةِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّنْوِينِ: فَمَعْنَاهُ بِخُلَّةٍ خَالِصَةٍ، وَهِيَ ذِكْرَى الدَّارِ، فَيَكُونُ ذِكْرَى الدَّارِ بَدَلًا عَنِ الْخَالِصَةِ. وَقِيلَ: أَخْلَصْنَاهُمْ: جَعَلْنَاهُمْ مُخْلَصِينَ، بِمَا أَخْبَرْنَا عَنْهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ.
[٤٧- ٤٩] ﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ - وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ - هَذَا ذِكْرٌ﴾ [ص: ٤٧ - ٤٩] أَيْ هَذَا الَّذِي يُتْلَى عَلَيْكُمْ ذكر، وقيل ذِكْرٌ أَيْ شَرَفٌ وَذِكْرٌ جَمِيلٌ تُذْكَرُونَ بِهِ ﴿وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٤٩]
[٥٠] ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠] أَيْ أَبْوَابُهَا مُفَتَّحَةً لَهُمْ. ٥١،
[٥٢] ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ - وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ﴾ [ص: ٥١ - ٥٢] مستويات الأسنان، بنات ثلاث وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَاحِدُهَا تَرْبٌ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مُتَوَاخِيَاتٌ لَا يَتَبَاغَضْنَ وَلَا يَتَغَايَرْنَ.
[٥٣] ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ﴾ [ص: ٥٣] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ (يُوعَدُونَ) بِالْيَاءِ هَاهُنَا وَفِي (ق) أَيْ مَا يُوعَدُ الْمُتَّقُونَ، وَافَقَ أَبُو عَمْرٍو هَاهُنَا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ فِيهِمَا، أَيْ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَذَا مَا توعدون، ﴿لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص: ٥٣] أَيْ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ.
[٥٤] ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ﴾ [ص: ٥٤] فناء وانقطاع.
[٥٥] ﴿هَذَا﴾ [ص: ٥٥] أَيِ الْأَمْرُ هَذَا ﴿وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ﴾ [ص: ٥٥] للكافرين، ﴿لَشَرَّ مَآبٍ﴾ [ص: ٥٥] مرجع.
[٥٦] ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا﴾ [ص: ٥٦] يدخلونها ﴿فَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [ص: ٥٦]
[٥٧] ﴿هَذَا﴾ [ص: ٥٧] أَيْ هَذَا الْعَذَابُ، ﴿فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ﴾ [ص: ٥٧] قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ هَذَا حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ فَلْيَذُوقُوهُ، وَالْحَمِيمُ الْمَاءُ الْحَارُّ الَّذِي انْتَهَى حَرُّهُ وَغَسَّاقٌ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ (وَغَسَّاقٌ) حَيْثُ كَانَ بِالتَّشْدِيدِ، وَخَفَّفَهَا الْآخَرُونَ، فَمَنْ شَدَّدَ جَعَلَهُ اسْمًا عَلَى فَعَّالٍ نَحْوَ الْخَبَّازِ وَالطَّبَّاخِ، وَمَنْ خَفَّفَ جَعَلَهُ اسْمًا عَلَى فَعَّالٍ نَحْوَ الْعَذَابِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْغَسَّاقِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الزَّمْهَرِيرُ يَحْرُقُهُمْ بِبَرْدِهِ، كَمَا تَحْرُقُهُمُ النَّارُ بحرها. قال مُقَاتِلٌ وَمُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي انْتَهَى بَرْدُهُ. وَقِيلَ: هُوَ الْمُنْتِنُ بِلُغَةِ التُّرْكِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ مَا يَغْسِقُ أَيْ مَا يَسِيلُ مِنَ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ وَلُحُومِهِمْ وَفُرُوجِ الزُّنَاةِ، مِنْ قولهم غَسَقَتْ عَيْنُهُ إِذَا انْصَبَّتْ، وَالْغَسَقَانُ الانصباب.
[٥٨] ﴿وَآخَرُ﴾ [ص: ٥٨] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ (وَأُخَرُ) بِضَمِّ الْأَلِفِ عَلَى جَمْعِ أُخْرَى، مِثْلَ الْكُبْرَى وَالْكُبَرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ لِأَنَّهُ نَعَتَهُ بِالْجَمْعِ، فَقَالَ:


الصفحة التالية
Icon