[٥٣] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى﴾ [غافر: ٥٣] قَالَ مُقَاتِلٌ: الْهُدَى مِنَ الضَّلَالَةِ، يَعْنِي التَّوْرَاةَ، ﴿وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ﴾ [غافر: ٥٣] التَّوْرَاةَ.
[٥٤] ﴿هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [غافر: ٥٤]
[٥٥] ﴿فَاصْبِرْ﴾ [غافر: ٥٥] يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَذَاهُمْ، ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٥٥] فِي إِظْهَارِ دِينِكَ، وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِكَ ﴿حَقٌّ﴾ [غافر: ٥٥] قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَسَخَتْ آيَةُ الْقِتَالِ آية الصبر، ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [غافر: ٥٥] هَذَا تَعَبُّدٌ مِنَ اللَّهِ لِيَزِيدَهُ بِهِ دَرَجَةً وَلِيَصِيرَ سُنَّةً لِمَنْ بعده، ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [غافر: ٥٥] صَلِّ شَاكِرًا لِرَبِّكَ، ﴿بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر: ٥٥] قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَاةَ الْفَجْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ.
[٥٦] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ﴾ [غافر: ٥٦] مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَالصَّدْرُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ، فَكَنَّى بِهِ عَنِ الْقَلْبِ لقرب الجوار، ﴿إِلَّا كِبْرٌ﴾ [غافر: ٥٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَكْذِيبِكَ إِلَّا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْكِبَرِ وَالْعَظَمَةِ، ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر: ٥٦] قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا هُمْ بِبَالِغِي مُقْتَضَى ذَلِكَ الْكِبَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُذِلُّهُمْ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا تَكَبُّرٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَمَعٌ فِي أَنْ يَغْلِبُوهُ وَمَا هُمْ بِبَالِغِي ذَلِكَ. قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ صَاحِبَنَا الْمَسِيحَ بْنَ دَاوُدَ يَعْنُونَ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فيبلغ سلطانه الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَيْنَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [غافر: ٥٦] مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: ٥٦]
[٥٧] ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [غافر: ٥٧] مع عظمهما، ﴿أَكْبَرُ﴾ [غافر: ٥٧] أَعْظَمُ فِي الصُّدُورِ، ﴿مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر: ٥٧] أَيْ مِنْ إِعَادَتِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ [غافر: ٥٧] يعني الكفار، ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر: ٥٧] حيت لَا يَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى تَوْحِيدِ خَالِقِهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: أَكْبَرُ أَيْ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ الدَّجَّالِ، (وَلَكِنَّ أكثر الناس)، يَعْنِي الْيَهُودَ الَّذِينَ يُخَاصِمُونَ فِي أمر الدجال.
[٥٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ [غافر: ٥٨] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (تَتَذَكَّرُونَ) بِالتَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ لِأَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ وَآخِرَهَا خَبَرٌ عَنْ قَوْمٍ.
[قوله تعالى إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ] أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ...
[٥٩] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ﴾ [غافر: ٥٩] أَيْ الْقِيَامَةَ ﴿لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ [غافر: ٥٩] ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [غافر: ٥٩]
[٦٠] ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] أَيِ اعْبُدُونِي دُونَ غَيْرِي أُجِبْكُمْ وَأُثِبْكُمْ وَأَغْفِرْ لَكُمْ، فَلَمَّا عَبَّرَ عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]


الصفحة التالية
Icon