﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [الزخرف: ٢٠] مَا هُمْ إِلَّا كَاذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَضِيَ منا عبادتها، وَقِيلَ: إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ، فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ وَإِنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ.
[٢١] ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الزخرف: ٢١] أَيْ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ بِأَنْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اللَّهِ، ﴿فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ [الزخرف: ٢١]
[٢٢] ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف: ٢٢] عَلَى دِينٍ وَمِلَّةٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: عَلَى إِمَامٍ. ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢] جعلوا أنفسهم باتباع آبائهم الأولين مهتدين.
[قوله تعالى وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ] مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ...
[٢٣] ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾ [الزخرف: ٢٣] أَغْنِيَاؤُهَا وَرُؤَسَاؤُهَا، ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣] بهم.
[٢٤] ﴿قَالَ﴾ [الزخرف: ٢٤] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ: (قَالَ) على الخبر، وقرأ آخرون (قُلْ) عَلَى الْأَمْرِ ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ﴾ [الزخرف: ٢٤] قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: (جِئْنَاكُمْ) عَلَى الْجَمْعِ، وَالْآخَرُونَ (جِئْتُكُمْ) عَلَى الْوَاحِدِ، ﴿بِأَهْدَى﴾ [الزخرف: ٢٤] بِدِينٍ أَصْوَبَ، ﴿مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ [الزخرف: ٢٤] قال الزجاج: قال لهم: أَتَتَّبِعُونَ مَا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ وَإِنْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِنْهُ "؟ فَأَبَوْا أن يقبلوه، ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف: ٢٤]
[٢٥] ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [الزخرف: ٢٥] ٢٦،
[٢٧] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ﴾ [الزخرف: ٢٦] أَيْ بَرِيءٌ، وَلَا يُثَنَّى الْبَرَاءُ وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ النَّعْتِ. ﴿مِمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف: ٢٦ - ٢٧] يرشدني لدينه.
[٢٨] ﴿وَجَعَلَهَا﴾ [الزخرف: ٢٨] يَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَةَ، ﴿كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٨] قَالَ مُجَاهِدٌ وقَتَادَةُ: يَعْنِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ أي فِي ذُرِّيَّتِهِ. قَالَ قَتَادَةُ: لَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيُوَحِّدُهُ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: يَعْنِي جعل وَصِيَّةَ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي أَوْصَى بِهَا بَنِيهِ بَاقِيَةً فِي نَسْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٣٢] وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٣١] وَقَرَأَ: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الْحَجِّ: ٧٨] ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٨] لَعَلَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَتَّبِعُونَ هَذَا الدِّينَ وَيَرْجِعُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ. لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ.
[٢٩] ﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ﴾ [الزخرف: ٢٩] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم، ﴿حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ﴾ [الزخرف: ٢٩] يَعْنِي الْقُرْآنُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْإِسْلَامُ. ﴿وَرَسُولٌ مُبِينٌ﴾ [الزخرف: ٢٩] يُبَيِّنُ لَهُمُ الْأَحْكَامَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مِنْ حَقِّ هَذَا الْإِنْعَامِ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَعَصَوْا. ٣٠،
[٣١] وَهُوَ قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ﴾ [الزخرف: ٣٠] يَعْنِي الْقُرْآنُ، ﴿قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ - وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣٠ - ٣١] يَعْنُونَ