(٤٤) سورة الدُخَانِ [١ - ٣] ﴿حم - وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ - إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ١ - ٣] قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نزل جبريل عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُجُومًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ من شعبان ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ [الدخان: ٣]
[٤] ﴿فِيهَا﴾ [الدخان: ٤] أَيْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، ﴿يُفْرَقُ﴾ [الدخان: ٤] أي يفصل، ﴿كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤] مُحْكَمٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَكْتُبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي السَّنَةِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ حَتَّى الْحُجَّاجِ، يُقَالُ: يَحُجُّ فُلَانٌ وَيَحُجُّ فُلَانٌ، قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يُبْرَمُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كُلُّ أَجَلٍ وَعَمَلٍ وَخَلْقٍ وَرِزْقٍ، وَمَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ. هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ يُبْرَمُ فِيهَا أَمْرُ السَّنَةِ وَتُنْسَخُ الْأَحْيَاءُ مِنَ الْأَمْوَاتِ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ أَحَدٌ وَلَا يُنْقَصُ منهم أحد.
[٥] ﴿أَمْرًا﴾ [الدخان: ٥] أَيْ أَنْزَلْنَا أَمْرًا، ﴿مِنْ عِنْدِنَا﴾ [الدخان: ٥] قَالَ الْفَرَّاءُ: نَصَبَ عَلَى مَعْنَى فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فرقا وأمرا، أي نأمر أمرا ببيان ذلك. ﴿إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ [الدخان: ٥] مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
[٦، ٧] ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [الدخان: ٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأْفَةً مِنِّي بِخَلْقِي وَنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ بِمَا بَعَثَنَا إِلَيْهِمْ مِنَ الرُّسُلِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ لِلرَّحْمَةِ ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الدخان: ٦ - ٧] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: (رَبِّ) جَرًّا رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: (مِنْ رَبِّكَ)، وَرَفَعَهُ الْآخَرُونَ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وَقِيلَ: عَلَى الابتداء، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧] أَنَّ اللَّهَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
[٨، ٩] ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ - بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ﴾ [الدخان: ٨ - ٩] من هذا القرآن، ﴿يَلْعَبُونَ﴾ [الدخان: ٩] يَهْزَءُونَ بِهِ لَاهُونَ عَنْهُ. ١٠،
[١١] ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الدخان: ١٠ - ١١] تقديره: هو عذاب إلهي ويجوز: أن يكون حكاية لكلامهم بما بعده، أي يقولون هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. ١٢،
[١٣] ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ - أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى﴾ [الدخان: ١٢ - ١٣] مِنْ أَيْنَ لَهُمُ التَّذَكُّرُ وَالِاتِّعَاظُ؟ يَقُولُ: كَيْفَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ؟ ﴿وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾ [الدخان: ١٣] ظَاهِرُ الصِّدْقِ يَعْنِي مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[١٤] ﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ [الدخان: ١٤] أعرضوا عنه، ﴿وَقَالُوا مُعَلَّمٌ﴾ [الدخان: ١٤] أي يعلمه بشر، ﴿مَجْنُونٌ﴾ [الدخان: ١٤]
[١٥] قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ﴾ [الدخان: ١٥] أي عذاب الجوع ﴿قَلِيلًا﴾ [الدخان: ١٥] أَيْ زَمَانًا يَسِيرًا، قَالَ


الصفحة التالية
Icon