﴿إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ [الذاريات: ٣٠]
[قوله تعالى قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ...]
[٣١ - ٣٢] ﴿قَالَ﴾ [الذاريات: ٣١] إِبْرَاهِيمَ، ﴿فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ - قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣١ - ٣٢] يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ. ٣٣،
[٣٤] ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ - مُسَوَّمَةً﴾ [الذاريات: ٣٣ - ٣٤] معلمة، ﴿عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ [الذاريات: ٣٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِلْمُشْرِكِينَ، وَالشِّرْكُ أَسْرَفُ الذُّنُوبِ وَأَعْظَمُهَا.
[٣٥] ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا﴾ [الذاريات: ٣٥] أَيْ: فِي قُرَى قَوْمِ لُوطٍ، ﴿مَنْ كَانَ﴾ [الذاريات: ٣٥] وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هُودٍ: ٨١]
[٣٦] ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ﴾ [الذاريات: ٣٦] أَيْ غَيْرَ أَهْلِ بَيْتٍ ﴿مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٦] يَعْنِي لُوطًا وَابْنَتَيْهِ، وَصْفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَهُوَ مسلم.
[٣٧] ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا﴾ [الذاريات: ٣٧] أَيْ فِي مَدِينَةِ قَوْمِ لُوطٍ، ﴿آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الذاريات: ٣٧] أَيْ عَلَامَةً لِلْخَائِفِينَ تَدُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْلَكَهُمْ فَيَخَافُونَ مثل عذابهم.
[٣٨] ﴿وَفِي مُوسَى﴾ [الذاريات: ٣٨] أَيْ وَتَرَكْنَا فِي إِرْسَالِ مُوسَى آيَةً وَعِبْرَةً.
وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: ٢٠] وَفِي مُوسَى، ﴿إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [الذاريات: ٣٨] بحجة ظاهرة.
[٣٩] ﴿فَتَوَلَّى﴾ [الذاريات: ٣٩] أي فَأَعْرَضَ وَأَدْبَرَ عَنِ الْإِيمَانِ، ﴿بِرُكْنِهِ﴾ [الذاريات: ٣٩] أي بجمعه وجنوده الذين [كان] يَتَقَوَّى بِهِمْ، كَالرُّكْنِ الَّذِي يُقَوَّى به البنيان، نظيره قوله.
﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هُودٍ: ٨٠] ﴿وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات: ٣٩] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ.
[٤٠] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ [الذاريات: ٤٠] أغرقناهم فيه ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ [الذاريات: ٤٠] أَيْ آتٍ بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ من دعوى الربوبية وتكذيب الرسل.
[٤١] ﴿وَفِي عَادٍ﴾ [الذاريات: ٤١] أَيْ وَفِي إِهْلَاكِ عَادٍ أَيْضًا آيَةٌ، ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [الذاريات: ٤١] وَهِيَ الَّتِي لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا بَرَكَةَ وَلَا تُلَقِّحُ شَجَرًا وَلَا تَحْمِلُ مَطَرًا.
[٤٢] ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ﴾ [الذاريات: ٤٢] من أنفسهم وأنعامهم ومواشيهم وأموالهم، ﴿إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات: ٤٢] كَالشَّيْءِ الْهَالِكِ الْبَالِي، وَهُوَ نَبَاتُ الْأَرْضِ.
إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَالتِّبْنِ الْيَابِسِ. قَالَ قَتَادَةُ: كَرَمِيمِ الشَّجَرِ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كَالتُّرَابِ الْمَدْقُوقِ. وَقِيلَ: أَصِلُهُ مِنَ الْعَظْمِ الْبَالِي.
[٤٣] ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ﴾ [الذاريات: ٤٣] يَعْنِي وَقْتَ فَنَاءِ آجَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا عَقَرُوا النَّاقَةَ قِيلَ لَهُمْ: تَمَتَّعُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
[٤٤] ﴿فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ [الذاريات: ٤٤] يَعْنِي بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْمَوْتُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْعَذَابَ "والصاعقة. كُلُّ عَذَابٍ مُهْلِكٌ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ (الصَّعْقَةُ)، وَهِيَ


الصفحة التالية
Icon