[١٢] ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ [النجم: ١٢] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ: (أَفَتَمْرُونَهُ) بفتح التاء بِلَا أَلْفٍ، أَيْ أَفَتَجْحَدُونَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَرَيْتُ الرَّجُلَ حَقَّهُ إِذَا جَحَدْتُهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: (أَفَتُمَارُونَهُ) بِالْأَلْفِ وَضَمِّ التَّاءِ، عَلَى مَعْنَى أَفَتُجَادِلُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَادَلُوهُ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالُوا: صف لنا بيت المقدس.
[١٣] ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] يَعْنِي رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ التي خلق عليه نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ نَزْلَةً أُخْرَى.
وَذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً فِي الْأَرْضِ وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ.
[١٤] ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ١٤] وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى.
﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] هُوَ أَنَّهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَجَاتٌ فِي تلك الليلة لمسألته التَّخْفِيفِ مِنْ أَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ عَرْجَةٍ نَزْلَةٌ، فَرَأَى رَبَّهُ في بعضها، وَالسِّدْرَةُ شَجْرَةُ النَّبْقِ، وَقِيلَ لَهَا: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم الخلق.
[١٥] ﴿عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ [النجم: ١٥] قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جنة المأوى جَنَّةٌ يَأْوِي إِلَيْهَا جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ.
وقال مقاتل والكلبي: تأوي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ.
[١٦] ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ [النَّجْمِ: ١٦] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، وقال مقاتل: تغشاها الملائكة وقال السدي: من الطيور، وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: غَشِيَهَا نُورُ رب العزة فاستنارت.
[١٧] ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم: ١٧] أَيْ مَا مَالَ بَصَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَمَا طَغَى، أَيْ مَا جَاوَزَ مَا رَأَى.
وَقِيلَ: مَا جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ وَهَذَا وَصْفُ أَدَبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ إِذْ لَمْ يَلْتَفِتْ جَانِبًا.
[١٨] ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: ١٨] يَعْنِي الْآيَاتِ الْعِظَامِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَا رَأَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي مسيره وعوده.
[١٩] قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ [النجم: ١٩] هَذِهِ أَسْمَاءُ أَصْنَامٍ اتَّخَذُوهَا آلِهَةً يعبدونها.
[٢٠] ﴿وَمَنَاةَ﴾ [النجم: ٢٠] قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ لِخُزَاعَةَ كَانَتْ بقديد، وقال ابْنُ زَيْدٍ: بَيْتٌ كَانَ بِالْمُشَلَّلِ يَعْبُدُهُ بْنُو كَعْبٍ.
قَالَ الضَّحَّاكُ: مَنَاةُ صَنَمٌ لِهُذَيْلٍ وَخُزَاعَةَ يَعْبُدُهَا أَهْلُ مَكَّةَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ أَصْنَامٌ مِنْ حِجَارَةٍ كَانَتْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ يَعْبُدُونَهَا، وأما قوله: ﴿الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ٢٠] فَالثَّالِثَةُ نَعْتٌ لِمَنَاةَ أَيِ الثَّالِثَةَ للصنمين في الذكر، ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أَيُّهَا الزَّاعِمُونَ أَنَّ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ومناة بنات الله، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ٢١،
[٢٢] فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى - تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم: ٢١ - ٢٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَتَادَةُ: أَيْ قِسْمَةٌ جَائِرَةٌ حَيْثُ جَعَلْتُمْ لِرَبِّكُمْ مَا تَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِكُمْ.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: قِسْمَةٌ


الصفحة التالية
Icon